ما حكم عمل الحواجب بتقنية مايكروبلدينج؟
الحمد لله.
تقنية المايكروبليدنج Microblading هي نوع من الوشم الذي يدوم نحوا من سنتين.
حيث تُستخدم شفرة دقيقة تشبة شفرة الموس في عمل المايكروبليدنج، بحيث يرسم الحاجم ويحقن بمادة كيميائية بواسطة الشفرة، وهو قريب من (التاتو) الذي تسخدم فيه الإبرة لغرس المادة بدلا من الشفرة، إلا أن التاتو يدوم، ولا يمكن إزالته إلا بالليزر، بخلاف هذه التقنية فإن الرسم فيها يبدأ بالاختفاء التدريجي فيما بين 18 شهرا وسنتين، ويمكن إعادة الرسم مرة أخرى. وينظر: http://bit.ly/2Tc3DX7
والوشم، وهو غرس اللون تحت الجلد: محرم، ملعون فاعلته، سواء حشي بالكحل أو بالرصاص، أو بأي مادة أخرى.
وإذا اقتضت تقنية المايكروبليدنج إزالة بعض شعر الحاجب لتصحيح الرسم، كان ذلك من النمص المحرم، فيجتمع محرمان: الوشم والنمص.
وقد دل على تحريم الوشم: قوله تعالى: إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا. لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا. وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا النساء / 117 – 119.
والوشم من تغيير خلق الله.
قال القرطبي في تفسير هذه الآية:"وقالت طائفة: الإشارة بالتغيير إلى الوشم، وما جرى مجراه من التصنع للحسن، قاله ابن مسعود والحسن" انتهى من " تفسير القرطبي " (5 / 392).
وعن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: "لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُوتَشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ، فَجَاءَتْ فَقَالَتْ: إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ؟
فَقَالَ: وَمَا لِي لا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ..." رواه البخاري (4886) ومسلم (2125).
ورواه النسائي (5253) بلفظ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وصححه الألباني في "صحيح النسائي".
قال النووي رحمه الله:"الواشمة: فاعلة الوشم، وهى أن تغرز إبرة أو مسلة أو نحوهما، في ظهر الكف أو المعصم أو الشفة، أو غير ذلك من بدن المرأة، حتى يسيل الدم، ثم تحشو ذلك الموضع بالكحل أو النورة فيخضر، وقد يفعل ذلك بدارات ونقوش، وقد تكثره وقد تقلله.
وفاعلة هذا واشمة، والمفعول بها موشومة، فإن طلبت فعل ذلك بها، فهي مستوشمة.
وهو حرام على الفاعلة والمفعول بها باختيارها، والطالبة له" انتهى من "شرح النووي على مسلم" (14 / 106).
ولا يباح الوشم إلا لإزالة داء، كالتغطية على أثر حرق مثلا؛ لما روى أبو داود (4170) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: "لُعِنَتْ الْوَاصِلَةُ وَالْمُسْتَوْصِلَةُ وَالنَّامِصَةُ وَالْمُتَنَمِّصَةُ وَالْوَاشِمَةُ وَالْمُسْتَوْشِمَةُ مِنْ غَيْرِ دَاءٍ" والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود".
وروى أحمد (3945) عن ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ النَّامِصَةِ وَالْوَاشِرَةِ وَالْوَاصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ، إِلَّا مِنْ دَاءٍ " وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح.
قال الشوكاني رحمه الله: " قوله: (إلا من داء) ظاهره: أن التحريم المذكور إنما هو فيما إذا كان لقصد التحسين، لا لداء وعلة، فإنه ليس بمحرم " انتهى من "نيل الأوطار" (6/229).
والله أعلم.