ما حكم الإكرامية لمن أدى خدمة لي مثل موظف تليفونات أصلح لي التليفون مع العلم بأنه يأخذ مرتباً ثابتاً من عمله ، فهل يجوز لي أن أعطيه إكرامية أم لا ؟.
الحمد لله.
لا يجوز أن تُعطى إكرامية أو هدية لعاملٍ يأخذ على عمله راتباً . ودليل ذلك ما رواه البخاري (6578) ومسلم (1832) عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ : اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ الْأَسْدِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ : هَذَا لَكُمْ وَهَذَا لِي أُهْدِيَ لِي ، قَالَ : فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ : مَا بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ فَيَقُولُ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي أَفَلا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ فِي بَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لا ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا يَنَالُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئًا إِلا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ بَعِيرٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ شَاةٌ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ : ( اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ مَرَّتَيْنِ )
قال النووي – رحمه الله - :
" في هذا الحديث بيان أن هدايا العمال حرام ، ولهذا ذكر في الحديث عقوبته وحمله ما أُهدي إليه يوم القيامة ، وقد بين صلى الله عليه وسلم في نفس الحديث السبب في تحريم الهدية عليه وأنها بسبب الولاية ، بخلاف الهدية لغير العامل ، فإنها مستحبة ، وحكم ما يقبضه العامل ونحوه باسم الهدية أنه يرده إلى مُهْديه ، فإن تعذر : فإلى بيت المال " .
" شرح مسلم " ( 6 / 462 ) .
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رِزْقًا فَمَا أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ ) . ومعنى الحديث : من جعلناه على عمل وأعطيناه على ذلك مالاً ، فلا يحل له أن يأخذ شيئاً بعد ذلك ، فإن أخذ فهو غلول ، والغلول هو الخيانة في الغنيمة وفي مال بيت مال المسلمين .
رواه أبو داود ( 2943 ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
ففي هذين الحديث دليل على أنه لا يجوز لمن كان موظفاً يأخذ راتباً من دائرته أن يقبل مالاً أو هدية من أحدٍ بسبب وظيفته ، فإن فعل كان غلولاً .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى : نحن موظفون حكوميون تأتينا في رمضان إكراميات وزكوات من بعض رجال الأعمال ، ولا نستطيع التفرقة بين الزكوات والإكراميات لعدم علمنا بذلك .
والسؤال : إذا أخذنا هذه الأموال ونحن في غنى عنها وأنفقناها على الأرامل والأيتام والفقراء ما الحكم ؟ وإذا أنفقنا منها على أسرنا وأكلنا منها ، ما الحكم ؟
فأجاب :
" هدايا العمال من الغلول ، يعني : إذا كان الإنسان في وظيفة حكومية وأهدى إليه أحد ممن له صلة بهذه المعاملة فإنه من الغلول ، ولا يحل له أن يأخذ من هذا شيئاً ولو بطيب نفس منه .
مثال ذلك : لنفرض أن لك معاملة في دائرة ما ، وأهديت لمدير هذه الدائرة ، أو لموظفيها هدية فإنه يحرم عليهم قبولها ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن اللُّتْبيَّة على الصدقة فلما رجع قال هذا أهدي إلي وهذا لكم ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فخطب الناس وقال : ( ما بال الرجل منكم نستعمله على العمل فيأتي ويقول : هذا لكم ، وهذا أهدي إلي ، فهلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى له أم لا )
فلا يحل لأحد موظف في دائرة من دوائر الحكومة أن يقبل الهدية في معاملة تتعلق بهذه الدائرة ، ولأننا لو فتحنا هذا الباب وقلنا : يجوز للموظف قبول هذه الهدية : لكنا قد فتحنا باب الرشوة ، والرشوة خطيرة جداً وهي من كبائر الذنوب ، فالواجب على الموظفين إذا أهدي لهم هدية فيما يتعلق بعملهم أن يردوا هذه الهدية ، ولا يحل لهم أن يقبلوها ، سواء جاءتهم باسم هدية ، أو باسم الصدقة ، أو باسم الزكاة ، ولاسيما إذا كانوا أغنياء ، فإن الزكاة لا تحل لهم كما هو معلوم " .
" فتاوى الشيخ العثيمين " ( 18 / السؤال رقم 270 ) .
والله أعلم .