الحمد لله.
للزوج أن يسافر ويتغيب عن أهله ، لأجل العمل ونحوه من المصالح المشروعة ، مدة لا تزيد على ستة أشهر ، فإن زاد على ذلك فلا بد من استئذان زوجته .
والأصل في ذلك أن عمر بن الخطاب سأل ابنته حفصة رضي الله عنهما : كم تصبر المرأة عن زوجها ؟ فقالت : سبحان الله ! مثلك يسأل مثلي عن هذا ! فقال : لولا أني أريد النظر للمسلمين ما سألتك . قالت : خمسة أشهر . ستة أشهر . فوقت للناس في مغازيهم ستة أشهر ; يسيرون شهرا , ويقيمون أربعة , ويسيرون شهرا راجعين .
وسئل الإمام أحمد رحمه الله : كم للرجل أن يغيب عن أهله ؟ قال : يروى ستة أشهر .
وانظر: "المغني" ( 7/232 ، 416).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " سفر الرجل عن زوجته إذا كانت في محل آمن : لا بأس به ، وإذا سمحت له بالبقاء أكثر من ستة أشهر فلا حرج عليه ، أما إذا طالبت بحقوقها ، وطلبت منه أن يحضر إليها فإنه لا يغيب عنها أكثر من ستة أشهر ، إلا إذا كان هناك عذر كمريض يعالج وما أشبه ذلك ، فإن الضرورة لها أحكام خاصة . وعلى كل حال فالحق في ذلك للزوجة ، ومتى ما سمحت بذلك وكانت في مأمن فإنه لا إثم عليه ، ولو غاب الزوج عنها كثيرا " انتهى من "فتاوى العلماء في عشرة النساء" (ص 106).
وعليه ؛ فمن حق أهلك عليك أن تعود إليهم ، لا سيما وأن راتبك لا يكفي للسكن كما ذكرت ، وهذا يعني تأخرك عن أهلك ، مع حاجتهم إليك .
ولا يخفى أن أداء الحق ، وحفظ الأهل ، والقيام على رعايتهم ، مع دوام الحب واستمراره ، كل ذلك مقدم على جمع المال .
ولا يجب طاعة الأب فيما لو أمرك بالبقاء في الخارج ، لما يترتب على هذا من تضييع حق زوجتك ، ومعلوم أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، لكن ينبغي أن تتلطف في إقناعه، وبيان عدم جدوى الاغتراب والبعد عن الأهل .
ونسأل الله لك التوفيق والسداد .
والله أعلم .
تعليق