الحمد لله.
لقد كان الأحرى بك – أخانا الكريم – أن تسأل عن الحكم الشرعي قبل أن تُقدم على ما عملت ، وليس أن تبدأ بالخطأ والمعصية ثم تسعى في التفتيش عن مخرج ينجيك مما قدمت يداك . ونحن نوجهها لك نصيحة ولجميع أبنائنا وإخواننا من شباب المسلمين أن يتقوا الله في أنفسهم ، وأن يتقوا الله في قلوبهم وقلوب فتيات المسلمين ، وألا يميلوا عن الصراط المستقيم الذي شرعه الله تعالى ، حيث أمر باجتناب الفتن ، والبعد عن طرق الهوى والشيطان .
يقول الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) النور/21
ويقول تعالى : ( الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) البقرة/268
وقال سبحانه : ( وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ) النساء/60
ويقول الحق عز وجل : ( إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ ) القصص/15
وأعظم الغفلة حين يعمى القلب عن مراقبة الله ، ويفقد الحسَّ الإيماني الذي يلوم نفسه الخطاءة على معصيتها ويحثها إلى الطاعة ، أو حين تقع النفس في المعصية فتشغلها الغفلة عن حقيقة معصيتها ببعض الرسوم والعوارض التي لا أهمية لها .
يقول ابن الجوزي في "تلبيس إبليس" (ص/33) :
" فالواجب على العاقل أن يأخذ حذره من هذا العدو الذي قد أبان عداوته من زمن آدم عليه الصلاة و السلام ، وقد بذل عمره ونفسه في فساد أحوال بني آدم " انتهى .
إن الزواج الشرعي الذي أحله الله تعالى لعباده معروف معلوم ، لا تسأل أحدا عنه إلا أخبرك : كيف يتزوج الناس في النور ، ويفرحون ، ويفرح لهم إخوانهم وأهلوهم : فالحلال بيِّن ، والحرام بين .
وأما ما فعلته ـ أنت وهي ـ من الزواج الهاتفي : تزوجيني ، زوجتك .. ، فهذا كلهلعب بآيات الله ، وتعد لحدوده سبحانه : ( وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(البقرة: من الآية231) .
أين ولي الفتاة – وهو أخوها الأكبر ، ثم عمها ، وليس زوج أمها - .. وأين الشهود ، وأين المهر ، وأين الإعلان ، أين هي علامات الزواج الشرعي وأماراته ؟!!!
الطريق الصحيح أن تطلبالفتاة من ولي أمرها ، وتنظر إليها النظر الشرعي كي يطمئن قلبك إلى صورتها ومظهرها ، وتقطع خلال ذلك وقبله الحديث معها في أي موضوع حتى يتم الإيجاب والقبول بينك وبين ولي أمرها برضاها ، ويحضر الشهود ، ويتم العقد ، فإن لم تُفلح في نيل رضى وليها فعليك بالمحاولة مرات أخرى بواسطة أهل الخير والفضل ، والله سبحانه وتعالى يقدر لك الخير إن صدقت في طلب الحلال وأخلصت في الدعاء والاستخارة .
ولكن يجب قبل ذلك كله تقديم التوبة الصادقة بين يدي الله تعالى ، وسؤاله العفو عما سلف من الزلل ، ومعاهدته سبحانه على عدم العود .
وحين يتم الزواج بشروطه وأركانه فهو زواج صحيح ، ووقوع والدتها في الإثم والخطيئة لا يعني بالضرورة مشابهة ابنتها لها ، فكثير من الأسر العاصية يخرج من بينها أبناءٌ بررةٌ صالحون ، والعكس كذلك ، فإن كنت ترى فيها بوادر الخير والصلاح فاسْعَ في الزواج بها ، ولا تترفع عنها بخطيئة والدتها ، وأمر الهداية في يد الله عز وجل ، ونحن لا نحكم إلا على الظواهر ، والله يتولى السرائر .
والله أعلم .
تعليق