الجمعة 7 جمادى الأولى 1446 - 8 نوفمبر 2024
العربية

أجبرها أهلها على زواج صوري ليحصل الزوج على إقامة وجنسية !

106719

تاريخ النشر : 26-03-2008

المشاهدات : 30596

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 23 سنة ، أعيش في ألمانيا منذ 15 سنة مع والدتي وأخي ، وذلك أثر طلاق والداي ، قبل سنة أرغمتني والدتي على الزواج برجل ادَّعت أنه في حاجة ماسة للإعانة ، وأمام غطرستها ، وتهديدها الدائم لي بالغضب عليَّ ، وانعدام المسؤولية عند أخي : لم يكن لي أي خيار ، منذ قليل اكتشفت حماقتي ، وجهلي , إذ إن أمي تبرر كل أوامرها بحجج تدَّعي أنها من الدين ، وتم الزواج لدى المحاكم الألمانية , زواج صوري ، يمكِّن هذا الرجل الذي لم أره سوى عند كتابة العقد من البقاء في ألمانيا والحصول على الجنسية الألمانية بعد سنتين ، بعد محاولات عديدة أمكن لي الحصول على موافقة والدتي للبداية في إجراءات الطلاق ، الرجل الذي أصبح اليوم قادراً على البقاء في ألمانيا موافق على طلاق التراضي ، كما كان اتفاقه مع والدتي منذ البداية . سؤالي هو الآتي : كيف أكفِّر عن ذنبي ؟ هل عليَّ عدة المطلقات ؟ لقد تقدم شاب لي ، ويود الزواج بي ، وأنا حائرة ، إن أعلمته أخشى أن يتركني ، وإن لم أفعل أكون خدعته ، ثم متى أحل له ، أبعد الطلاق من الزواج الباطل أم قبل ذلك ؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً:
لا يجوز لأحدٍ أن يُكره موليته على النكاح ممن لا ترغب ، والعقد الذي يثبت أن المرأة البالغ زُوِّجت فيه بغير إرادتها : باطل عند بعض العلماء ، ومتوقف عليها لإمضائه عند آخرين ، وفي كل الأحوال لا يجوز أن تُجبر البالغ على الزواج .
وتفصيل ذلك في جواب السؤال رقم : (47439) .


ثانياً:
العقود التي تُجرى في محاكم الدول الكافرة : قد تكون عقوداً باطلة ، وقد تكون صحيحة ، فإن كان سبقها عقد شرعي ، اشتمل على إيجاب ، وقبول ، وموافقة ولي ، وشهود أو إعلان : كانت العقود أمام تلك المحاكم للتوثيق ، والتثبيت ، لا للإنشاء ، وإن لم يسبقها عقود شرعية : فلا قيمة لها ، ولا يُبنى عليها أحكام ؛ لأنها باطلة أصلاً .

ثالثاً:
ثمة عقود زواج تُبرم في دول الكفر لا لأجل العفاف والستر وإنشاء أسرة ، بل لغايات الإقامة والجنسية ! وليُعلم أن الزواج هو " كلمة الله " وهو " الميثاق الغليظ " ، وأنه لا يجوز الاستهانة بهذه العقود ، وجعلها مجالاً للعبث .
وليُعلم أن هذه العقود " الصُّورية " أو " الشكلية " إذا تمَّت وفق الشرع فإنه تترتب عليها آثارها الشرعية ، من المهر ، والعدَّة ، وغير ذلك ، وأما إذا لم تتم وفق الأحكام الشروط الشرعية : فإنه لا تترتب عليها آثارها الشرعية ، مع وجود الإثم .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
نحن شباب مسلم - والحمد لله - ، من مصر ، ولكننا نقيم في هولندا ، ونسأل عن حكم الإسلام في بعض الشباب المسلم الذي يلجأ للزواج من الأوربية ، أو بعض النسوة الأجنبيات اللاتي معهن أوراق الإقامة ، وذلك للحصول على الإقامة في هولندا ، مع العلم أن هذا الزواج صوري ، أي : حبر على ورق - كما يقولون – أي : أنه لا يعيش معها، ولا يعاشرها كزوجة ، هو فقط يذهب معها إلى مبنى الحكومة ، ومعه شاهدان ، ويتم توثيق العقد ، وبعد ذلك كل ينصرف لطريقه ؟ .
فأجابوا :
عقد النكاح من العقود التي أكد الله عِظم شأنها ، وسمَّاه " ميثاقاً غليظاً " ، فلا يجوز إبرام عقد النكاح على غير الحقيقة من أجل الحصول على الإقامة .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 18 / 98 ، 99 ) .
وفي جواب السؤال رقم : ( 2886 ) فتوى أخرى بالتحريم والمنع ، فلتنظر .
فالذي يظهر لنا أن والدك موجود وعلى قيد الحياة ، وهو في هذه الحال وليك في الزواج ، ولو كان مطلِّقاً لأمك ، وأخوك ليس وليّاً لك مع وجود والدكِ ، فإذا تمَّ الزواج بموافقة والدك ، وحضور شهود ، مع رضاكِ به : فهو عقد شرعي تترتب عليه آثاره ، ولو لم يكن من أجل العيش معه ؛ لأن واقعه – والحالة هذه – أنه عقد شرعي مكتمل الأركان ، فلا يحل لك الزواج بغيره إلا بعد أن تحصلي على الطلاق ، وتنتهي عدتك .
وأما إن تمَّ العقد في الدوائر الرسمية فقط ، ودون موافقتك أو موافقة والدك : فهو عقد غير شرعي ، ولا تترتب عليه آثاره ، ولا حاجة للحصول على الطلاق ، إلا من أجل أنك زوجة في الأوراق الرسمية ، لا من أجل أنك زوجة شرعاً ، مع استحقاق من ساهم في وجوده للإثم ؛ لاستهانته بالعقد الشرعي ، وجعله مجالاً للعبث .
والخلاصة : أن الواجب عليك الاحتياط في أمر زواجك الجديد ، وألا تقدمي على إتمام الخطبة الجديدة ، إلا بعد طلاقك من الأول .
وأما بخصوص إعلام الخاطب الجديد ، فإن كان يغلب على ظنك أنه لن يعلم بما حدث ، فلا ننصحك بإخباره ، وأتمي زواجك به ، كأن شيئاً لم يكن .
وإن كنت تظنين أنه سوف يعلم ذلك ، فليعلمه منك أفضل وأكرم ، والقلوب بيد الرحمن يقلبها كيف شاء ، فاستعين بربك سبحانه ، على صرف قلبه إليك ، إن كان في زواجك منه خير لك .
والله أعلم


هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب