الحمد لله.
أولاً:
لا يجوز لأحدٍ أن يُكره موليته على النكاح ممن لا ترغب ، والعقد الذي يثبت أن المرأة البالغ زُوِّجت فيه بغير إرادتها : باطل عند بعض العلماء ، ومتوقف عليها لإمضائه عند آخرين ، وفي كل الأحوال لا يجوز أن تُجبر البالغ على الزواج .
وتفصيل ذلك في جواب السؤال رقم : (47439) .
ثانياً:
العقود التي تُجرى في محاكم الدول الكافرة : قد تكون عقوداً باطلة ، وقد تكون صحيحة
، فإن كان سبقها عقد شرعي ، اشتمل على إيجاب ، وقبول ، وموافقة ولي ، وشهود أو
إعلان : كانت العقود أمام تلك المحاكم للتوثيق ، والتثبيت ، لا للإنشاء ، وإن لم
يسبقها عقود شرعية : فلا قيمة لها ، ولا يُبنى عليها أحكام ؛ لأنها باطلة أصلاً .
ثالثاً:
ثمة عقود زواج تُبرم في دول الكفر لا لأجل العفاف والستر وإنشاء أسرة ، بل لغايات
الإقامة والجنسية ! وليُعلم أن الزواج هو " كلمة الله " وهو " الميثاق الغليظ " ،
وأنه لا يجوز الاستهانة بهذه العقود ، وجعلها مجالاً للعبث .
وليُعلم أن هذه العقود " الصُّورية " أو " الشكلية " إذا تمَّت وفق الشرع فإنه
تترتب عليها آثارها الشرعية ، من المهر ، والعدَّة ، وغير ذلك ، وأما إذا لم تتم
وفق الأحكام الشروط الشرعية : فإنه لا تترتب عليها آثارها الشرعية ، مع وجود الإثم
.
سئل علماء اللجنة الدائمة :
نحن شباب مسلم - والحمد لله - ، من مصر ، ولكننا نقيم في هولندا ، ونسأل عن حكم
الإسلام في بعض الشباب المسلم الذي يلجأ للزواج من الأوربية ، أو بعض النسوة
الأجنبيات اللاتي معهن أوراق الإقامة ، وذلك للحصول على الإقامة في هولندا ، مع
العلم أن هذا الزواج صوري ، أي : حبر على ورق - كما يقولون – أي : أنه لا يعيش
معها، ولا يعاشرها كزوجة ، هو فقط يذهب معها إلى مبنى الحكومة ، ومعه شاهدان ، ويتم
توثيق العقد ، وبعد ذلك كل ينصرف لطريقه ؟ .
فأجابوا :
عقد النكاح من العقود التي أكد الله عِظم شأنها ، وسمَّاه " ميثاقاً غليظاً " ، فلا
يجوز إبرام عقد النكاح على غير الحقيقة من أجل الحصول على الإقامة .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ
عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 18 / 98 ، 99 ) .
وفي جواب السؤال رقم : (
2886 ) فتوى أخرى
بالتحريم والمنع ، فلتنظر .
فالذي يظهر لنا أن والدك موجود وعلى قيد الحياة ، وهو في هذه الحال وليك في الزواج
، ولو كان مطلِّقاً لأمك ، وأخوك ليس وليّاً لك مع وجود والدكِ ، فإذا تمَّ الزواج
بموافقة والدك ، وحضور شهود ، مع رضاكِ به : فهو عقد شرعي تترتب عليه آثاره ، ولو
لم يكن من أجل العيش معه ؛ لأن واقعه – والحالة هذه – أنه عقد شرعي مكتمل الأركان ،
فلا يحل لك الزواج بغيره إلا بعد أن تحصلي على الطلاق ، وتنتهي عدتك .
وأما إن تمَّ العقد في الدوائر الرسمية فقط ، ودون موافقتك أو موافقة والدك : فهو
عقد غير شرعي ، ولا تترتب عليه آثاره ، ولا حاجة للحصول على الطلاق ، إلا من أجل
أنك زوجة في الأوراق الرسمية ، لا من أجل أنك زوجة شرعاً ، مع استحقاق من ساهم في
وجوده للإثم ؛ لاستهانته بالعقد الشرعي ، وجعله مجالاً للعبث .
والخلاصة : أن الواجب عليك الاحتياط في أمر زواجك الجديد ، وألا تقدمي على إتمام
الخطبة الجديدة ، إلا بعد طلاقك من الأول .
وأما بخصوص إعلام الخاطب الجديد ، فإن كان يغلب على ظنك أنه لن يعلم بما حدث ، فلا
ننصحك بإخباره ، وأتمي زواجك به ، كأن شيئاً لم يكن .
وإن كنت تظنين أنه سوف يعلم ذلك ، فليعلمه منك أفضل وأكرم ، والقلوب بيد الرحمن
يقلبها كيف شاء ، فاستعين بربك سبحانه ، على صرف قلبه إليك ، إن كان في زواجك منه
خير لك .
والله أعلم
تعليق