الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

طالبة علم وترغب الدخول في باب دعوة الشباب بالمراسلة دون علم زوجها

112915

تاريخ النشر : 10-01-2008

المشاهدات : 19292

السؤال

أنا فتاة في أواخر العشرينات من عمري ، متزوجة ، حاصلة على درجة الماجستير من جامعة شرعية أعمل محاضرة في إحدى الجامعات الشرعية غير المختلطة ، تربيت في أسرة محافظة ، فحفظت كتاب الله ولم أتجاوز الخامسة عشرة ، أحمل همّاً كبيراً للدعوة إلى الله ، وخاصة لدعوة الشباب ، لأني أزعم أنني أعرف شيئاً من توجهاتهم ، واهتماماتهم ، وأساليب الوصول إليهم ، والتأثير فيهم ، بحكم كوني واحدة منهم ، وبحكم عملي بينهم ، واطلاعي على كثير من أحوال الطالبات في الكلية ، ومن المعلوم أن من أكثر ما يقبل عليه الشباب هذه الأيام هي القنوات الإلكترونية : المحادثة ، وما يسمى بـ " الشات " ، وغرف الدردشة التي يتبادلون فيها كل شيء مما يكون غالبا مضيعة للأوقات إن لم يكن خادشاً للحياء ، ومنافياً للمبادئ والقيم الإسلامية ، ودائماً ما أحدِّث نفسي باستغلال مثل هذه القنوات للوصول إلى الشباب والتأثير فيهم ، ودعوتهم إلى الله ، وعدم تركهم لأهوائهم ، ولمن يريد إفسادهم بكل طريق ، فكثير ما يترك المصلحون والصالحون مثل هذه المجالات خوفاً على أنفسهم ، وعلى مبادئهم ، فيخلو الجو للشيطان ، وأعوانه ، وكثيراً ما يحصر الدعاة والمصلحون وأصحاب المبادئ جهودهم في الدروس ، والمحاضرات ، والقنوات ، والمنتديات الإسلامية ، والجمعيات الخيرية ، والمساجد ، ودور التحفيظ ، مما لا يكاد يحضرها إلا الشريحة المحافظة والملتزمة أصلاً من الشباب ، فتزيدهم نوراً على نور ، ويبقى الغافلون بلا ناصح أو مذكِّر ، فهل يحق لي شرعاً التواصل مع الشباب (الجنسين) عن طريق مثل هذه الوسائل الإلكترونية (عن طريق الكتابة فقط) ومحاولة التأثير فيهم ، والوصول إلى قلوبهم ، ودعوتهم ، وخاصة أن مثل هذه الوسيلة تحتاج إلى كثير من الصبر والتبسط في الحديث للوصول إلى المراد ؟ وهل يعتبر ذلك من خيانة الزوج الذي قد لا يحتمل محادثتي لأي شاب - ولو كتابة - وفي أي مجال مهما كان - خاصة وأنه لم يتعود مني الكلام إلا مع محارمي أو مشايخي في الجامعة ؟ . أرجوك ، أنتظر توجيهك ، وإرشادك ، فحال شبابنا يؤرقني ، وهمُّ الدعوة إلى الله يملأ قلبي ، فهل أبدأ ؟!

الجواب

الحمد لله.


أولاً :
نشكر لك حرصك على الدعوة إلى الله ، ونسأل الله أن يكتب لك أجر ذلك ، وأن يجعلك من الداعيات المخلصات .
ثانياً :
الدعوة إلى الله واجبة على الرجال والنساء ، قال الله تعالى : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) آل عمران/ 104 .
ويمكنك الاقتصار على دعوة الفتيات دون الشباب الذكور ، – ولو كتابة - ؛ للأسباب التالية :
1- أن الأمر فيه فتنة للطرفين ، وإذا سلم أحد الطرفين لقوة إيمانه ودينه فإنه لا يُضمن سلامة الطرف الآخر ، ومن شأن تلك المحادثات أو الكتابات أن تؤدي إلى إذابة الحواجز بين المرأة والرجل ، ولا يُدرى ما يكيد به الشيطان لهما إن كانا سليما النية والقصد ، كما لا يُدرى ما يكيده الطرف الآخر إن كان شيطاناً من الإنس ، والواجب على المسلم الحذر من كل ما يؤدي إلى فتنته ، أو فتنة غيره به .
والواقع يشهد بذلك ، فكثير من البيوت قد انهدمت بسبب تلك المحادثات ، وقد جرَّت تلك المحادثات فتيات إلى الهاوية ، ولا شك أنهن لم يكن يردن ذلك ، ولا خطر ببالهن يوماً أن يكون ذلك مصيرهن ، ولكنه استدراج الشيطان وخداع النفس .
2- الأمة الإسلامية فيها خير كثير ، ويوجد من الدعاة من يغطي جانب دعوة الشباب ، وليس الأمر محتاجاً لمن يقوم به من النساء .
3- زوجك لا يرضى بهذا الأمر منك ، وإن فعلتِ ذلك دون علمه كان خيانة له ولا شك ، وهو أمرٌ لا يقبل مثلُك أن يقع فيه .
ونود أن نقف معك بعد هذا وقفتين :
أ. إننا نرى عالم النساء مليئاً بالمشكلات والمآسي ، وهنَّ يحتجن بشدة إلى من يقف معهن من بنات جنسهن لدلالتهن على طريق الاستقامة ، فهل انتهيتِ من أولئك النساء حتى فكرتِ في دعوة الشباب ؟
ب. هل ترضين أن يقوم زوجك بدعوة النساء للسبب الذي تذكرينه في دعوة الرجال ؟ إننا نكاد نجزم أنك – بحسب خبرتك العلمية والدعوية – ستذكرين من مفاسد دعوة الرجال للنساء بالمحادثة أو المكاتبة الشيء الكثير ، كما نجزم أنه قد بلغك حوادث مؤلمة لمشكلات حصلت في بيوت إخوة وأخوات جرَّاء تلك الكتابات أو المحادثات ، وهو ما يجعل المرء يجزم بأن الشريعة المطهرة لا تفتح الأبواب الموصدة أمام الفتن والشهوات ، بل تبقيها محكمة الإغلاق . وهاتان فتويان لأهل العلم تجمع ما سبق بيانه :
1. قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
"للمرأة مجال للدعوة في بيتها ، لأسرتها ، من زوج ، ومحارم ، رجالاً ، ونساءً ، ولها مجال في الدعوة الإسلامية خارج بيتها للنساء ، إذا لم يكن في ذلك سفر بلا زوج ولا محرم ، ولم يُخش الفتنة ، وكان ذلك بإذن زوجها إن كانت متزوجة ، ودعت إلى ذلك الحاجة ، ولم ينشأ عن ذلك ضياع ما هو أوجب عليها من حقوق أسرتها" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 12 / 249 ، 250 ) .
2. وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
كيف تدعو المرأة إلى الله إذا كان لديها علم وحماس ، وتريد أن تدعو إلى الله ، فما هي الطريقة التي تتبعها ؟ وما هي المجالات التي تستطيع أن تدعو إلى الله فيها ؟
فأجاب :
"الطريقة التي تتبعها هي ما أمر الله به في قوله : (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ، وأما المجالات : فهي مجامع النساء ، كالمدارس ، وغيرها ، تحضر إليهن ، وتدعوهن إلى الله عز وجل ، ولكل مقام مقال ، بإمكانها أن تعرف هل المقام يقتضي الترغيب أو الترهيب أو الجمع بينهما بحسب الحال ، فمجالات عملها إنما هو مجامع النساء فقط ، أما مجامع الرجال : فإنه للرجال" انتهى .
" فتاوى نور على الدرب " ( شريط 128 ، وجه ب ) .
وللنظر في فتاوى أخرى حول حكم المراسلة بين النساء والرجال : انظري أجوبة الأسئلة : ( 78375 ) و ( 34841 ) و ( 23349 ) و ( 20949 ) .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب