الحمد لله.
أولاً:
مما لا شك فيه أن لغرفة نوم الزوجين خصوصية خاصَّة ، فهو خدر المرأة ، وهو حصنها الحصين داخل بيتها ، تخلع فيه ثيابها ، وتخلو بزوجها ، وهو ما لا تستطيع فعله في غير هذا المكان .
ومما يؤكد هذه الخصوصية : ظهور ملابس الزوجة الخاصة ، وأدوات تجملها وزينتها ، وما يتعلق بأمور العشرة بين الزوجين ، مما لا ينبغي أن يطلع عليه أحد ، ويعد من أخص خصوصيات العلاقة الزوجية .
وهذا الذي ذكرناه هو الأصل ، ولا ينبغي مخالفته ابتداء ، إلا أنه قد توجد ظروف معينة تقتضي السماح لأحد المقربين من دخول ذلك الحصن ، إما لضيق البيت ، أو لحاجة استعمال الغرفة لنوم إحدى النساء ، لكونها أستر من باقي أجزء البيت ، أو لغير ذلك من الأسباب ، لكن ذلك السماح ينبغي أن يكون بشروط :
الأول : الحاجة الشديدة إلى مثل ذلك .
الثاني : عدم إظهار الملابس الداخلية الخاصة للزوجين ، وكذا كل ما يُستحيا من إظهاره .
الثالث : أن يكون المسموح له بدخولها من الثقات ؛ خشية عبثه بخصوصيات الغرفة ، أو نقل حالها لغيره .
الرابع : إذن الزوج لهذا الداخل ، فإن منع : فيجب الانصياع لمنعه ، وعدم مخالفة قوله . وهكذا أيضا : ينبغي ألا يدخل الزوج أحدا إلى غرفة نوم امرأته ، إذا كانت تكره ذلك ، إلا أن يضطر إلى ذلك ، ويكون الداخل ثقة ، كأمه وأخته ، ونحو ذلك ، وعليه أن يستسمح زوجته ، ويطيب قلبها بذلك .
وعلى أية حال ، فما ذكرناه هنا من الشروط هي أمور اجتهادية ، المراد منها حفظ خصوصية البيت لأهله ، ومراعاة خصوصية العلاقة الزوجية ، وصونها عن العبث ، أو هتك الستر ، وكشف الأسرار .
فقد روى مسلم (1218) عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه رَضِيَ اللَّهُ عنهما قال : قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ ) .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - : " بيَّن صلى الله عليه وسلم الحقَّ الذي لهنَّ ، والذي عليهن ، فقال : ( لكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ) يعني : لا يجعلنَّ أحداً يَدخل عليهنَّ على فراش النوم ، أو غيره ، وأنت تكره أن يجلس على فراش بيتك ، وكأن هذا - والعلم عند الله - ضربُ مثل ، والمعنى : أن لا يُكرمن أحداً تكرهونه، هذا من المضادة لكم أن يكرمنَ من تكرهونه ، بإجلاسه على الفرش ، أو تقديم الطعام له ، أو ما أشبه ذلك " انتهى .
" شرح رياض الصالحين " ( 3 / 126 ) .
ثانياً:
أما الاعتقاد بأنه إن نام أحدٌ على فراش الزوجية فإن ذلك سيولِّد مشكلات بين الزوجين : فإن هذا اعتقاد جاهلي ، وخرافة ينبغي للمسلم أن ينزِّه توحيده عنها ، فليس لها في الشرع ما يؤيدها ، ولا في الواقع ما يصدِّقها .
ثالثاً:
بخصوص مشكلاتك مع زوجك ، ومع أمه : فالأمر يحتاج لحكمة ، وحسن تصرف منك ، فاكسبي رضا زوجك بالتودد لأمِّه ، واحرصي على ود أمه وعطفها بحسن المعاملة ، والهدية ، والقول الحسن ، فإن الكلمة الحسنة ، والتصرف الجميل يأسران الحرَّ ، واحتسبي تحمل إزعاج أم زوجك عند الله طلباً للأجر ، وكسباً لرضا الزوج ، وعسى الله أن يجعل بينك وبينها مودة ، ورحمة ، واستعيني بالله ربك على أداء حق الزوج ، وعلى الصبر على تحمل المشاق ، وانتظري اليسر بعد العسر ، والفرجَ بعد الشدَّة .
وانظري أسباب عدم محبة أم الزوج لزوجته ، وطرق علاج المشكلات الناشئة بينهما في جواب السؤال رقم : ( 84036 ) .
والله أعلم
تعليق