الحمد لله.
أخانا الكريم أحسنت – أحسن الله إليك – فيما فعلت من مساعدة هذا المسكين ، قال تعالى : ( مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) البقرة/261-262 ، وقال الله تعالى : ( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) سبأ/39 .
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صنائع المعروف تقي مصارع السوء ، وصدقة السر تطفىء غضب الرب ، وصلة الرحم تزيد في العمر ) رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن ، وقال عنه الألباني : " حسن لغيره " انتهى .
"صحيح الترغيب والترهيب" (1/216) .
وأما ما أمرت به أمك ، فليس له أصل في الدين ، ولا فرق بين أن يتصدق الإنسان بجديد ، أو بما هو عنده من الثياب المستعملة ، ولو لم تغسل .
وأما قصة الذي غسلت بركته ، كما ذكرت ، فلا شك أنها من قصص أهل الجهل والخرافة ، والبركة ليست في الملابس ، بل البركة في الدين ، واتباع سيد المرسلين ، ولا يجوز التبرك بشيء من ملابس شخص ، أو جسده ، بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
غير أن الذي ننصح به أن يتحرى الإنسان بصدقته أهل الحاجة المتعففين عن السؤال ، أو من يغلب على ظنه الصدق في المسألة ، ولا يسأل أموال الناس تكثرا ، ويتخذها مهنة يأكل بها أموال الناس بالباطل ، فإن جهل حال السائل ، فله أن يعطيه بقدر ما يدفع عنه مسألته ، أو يغلب على ظنه الوفاء بحاجته ، إن كان ذا حاجة .
على أنه إذا قدر أن السائل كان كاذبا ، فإن ذلك لا يضرك عند الله ، ولا ينقص أجرك ، إن شاء الله ، ما دمت أخرجت هذه الصدقة لله ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( قَالَ رَجُلٌ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ زَانِيَةٍ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى زَانِيَةٍ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى زَانِيَةٍ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ غَنِيٍّ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ عَلَى غَنِيٍّ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى سَارِقٍ وَعَلَى زَانِيَةٍ وَعَلَى غَنِيٍّ ، فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ أَمَّا صَدَقَتُكَ عَلَى سَارِقٍ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعِفَّ عَنْ سَرِقَتِهِ ، وَأَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا أَنْ تَسْتَعِفَّ عَنْ زِنَاهَا ، وَأَمَّا الْغَنِيُّ فَلَعَلَّهُ يَعْتَبِرُ فَيُنْفِقُ مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ ) رواه البخاري (1421) .
والله أعلم
تعليق