الحمد لله.
قول الله تعالى : ( وإن كنتم جنُباً فاطَّهروا ) المائدة/6 ، والجنُب هو الذي خرج منه المنيّ دفقاً بلذّةٍ .
ودفقاًً لأن الله سبحانه يقول : ( فلينظر الإنسان مم خلق ، خلق من ماءٍ دافق ) الطارق/5-6
فإذا خرج من يقظان بغير لذّة فإنه لا يوجب الغسل ، أما حديث النبي صلى الله عليه وسلم : " الماء من الماء " الذي رواه مسلم (الحيض/518) فإنه يحمل على المعهود المعروف مِنْ خروجه بلذّة ، ويوجب تحلُّلَ البدن وفتوره ، أما الذي يخرج بدون ذلك ، فإنه لا يوجب تحلُّلَه وفتوره .
ولهذا ذكروا لهذا الماء ثلاث علامات :
الأولى : أن يخرج دفقاً .
الثانية : رائحته فإذا كان يابساً فإن رائحته تكون كرائحة البيض ، وإذا كان غير يابس فرائحته تكون كرائحة الطين واللقاح .
الثالثة : فتور البدن بعد خروجه .
انظر الشرح الممتع لابن عثيمين ج1/ص277-278
وسئلت اللجنة الدائمة عن الموجب للغسل في الاحتلام فأجابت :
لا يخفى أن الغسل يجب بخروج المنيّ دفقاً بلذّةٍ في اليقظة ، وبوجوده مطلقاً في حال النوم ، لما روى الإمام أحمد عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا فضخت الماء فاغتسل وإن لم تكن فاضخاً فلا تغتسل " والفضخ هو خروجه بالغلبة . أهـ
فتاوى إسلامية ج1/ص216
وقد ثبت عند أبي داود والنسائي أيضاً من ْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كُنْتُ رَجُلا مَذَّاءً فَجَعَلْتُ أَغْتَسِلُ حَتَّى تَشَقَّقَ ظَهْرِي فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ ذُكِرَ لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا تَفْعَلْ إِذَا رَأَيْتَ الْمَذْيَ فَاغْسِلْ ذَكَرَكَ وَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاةِ فَإِذَا فَضَخْتَ الْمَاءَ فَاغْتَسِلْ " رواه أبو داود( الطهارة/178) ، والنسائي ( الطهارة/193) ، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم 187
قال شارح الحديث : الفضخ الدَّفق ، أي صببت المنيَّ بشدّةٍ ، وجامعت فاغتسل .
قال ابن منظور : في ( وإذا رأيت فضخ الماء ) قال : وفضخ الماء : دفْقُه ، وانفضخ الدَّلو إذا دفق ما فيه من الماء 3/46 . وهذا يدل على أنه إذا خرج غير ذلك حال اليقظة أو كان يسيل بسبب مرض فإنه لا يوجب الغسل .
قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ : لَوْ انْفَصَلَ - أَيْ الْمَنِيُّ - بِضَرْبٍ أَوْ حَمْلٍ ثَقِيلٍ عَلَى ظَهْرِهِ فَلا غُسْلَ عِنْدَنَا .
وَقَالَ الدَّرْدِيرُ : وَإِنْ خَرَجَ بِلا لَذَّةٍ بَلْ سَلَسًا أَوْ بِضَرْبَةٍ أَوْ طَرِبَةٍ أَوْ لَدْغَةِ عَقْرَبٍ فَلا غُسْلَ .
نصَّ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ انْكَسَرَ صُلْبُ الرَّجُلِ فَخَرَجَ مِنْهُ الْمَنِيُّ , وَلَمْ يُنْزِلْ مِنْ الذَّكَرِ , فَإِنَّهُ لا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ . وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ حُكْمَهُ كَالنَّجَاسَةِ الْمُعْتَادَةِ .
انظر الموسوعة الفقهية ج/31 ص/197
والله أعلم .
تعليق