الحمد لله.
إذا تبين لك أن الخاطب به عيوب لا يمكنك تحملها ، فلا حرج عليك في فسخ الخطبة ، فهذا خير من الزواج مع احتمال حدوث الخلاف والنزاع ثم الطلاق .
وإذا هممت بذلك فاستخيري الله تعالى ، ثم أخبري وليك ليعتذر للخاطب ، وبهذا تنفسخ خطوبتك .
وليست الاستخارة لإلغاء العقل ، أو النظر في الأمور المادية المحيطة بالإنسان ، وإنما هي مكملة لذلك ، فإن الإنسان قد يتردد في أمر ما ، لما فيه من خير وشر ، ومصلحة ومفسدة ، أو لما يجهله من عاقبته ، فيسأل الله أن ييسر له الخير الذي يعلمه سبحانه .
فقد يبدو لك الخاطب خاليا من العيوب ، لكن الله يعلم أنه لا يصلح لك ، وأن به عيوبا تجهلينها ، أو أنك لا تصلحين له ، وقد يبدو لك أن بالخطاب عيوبا ، والله يعلم أنه صالح لك ، وأن عيوبه قد تزول ، أو هي ليست عيوبا في الحقيقة ، أو أن هذا ما يناسب زوجته ، إلى غير ذلك من أمور الغيب التي لا يعلمها إلا الله سبحانه .
ومعلوم أنه لا فلاح للعبد إلا بتوفيق الله تعالى ، وأنه لو وُكل إلى نفسه لضاع وتاه وخسر .
فإذا استخرت الله في شيء ، فامضي فيه ، فإن كان خيرا ، سهله الله ويسره ، وإن كان شرا صرفك الله عنه ، أو صرفه عنك .
وتطبيق ذلك في مسألتك : أنك لما بدا لك من العيوب في الخاطب ، فإنك تستخيرين الله تعالى في فسخ خطوبته ، وتمضين في ذلك ، بأن تكلمي وليك أو من يبلغ الخاطب بفسخ الخطوبة ، فإن انقضى الأمر ويسّر ، فهو الخير لك إن شاء الله ، وإن تعسّر الفسخ ، فلا خير لك فيه الآن ، فقد يكون في علم الله أن زواجك منه خير لك ، أو أن استمرار خطبتك مدة أخرى خير لك ، ولا مانع أن تكرري الاستخارة مرة بعد مرة .
وننبه على أمور :
الأول : أن الاستخارة لا تكون في الأمر الواجب أو الحرام أو المكروه ، إلا إذا كان التردد في تحديد وقت فعل الواجب . وعليه فلو تبين أن الخاطب تارك للصلاة ، أو يقترف الفواحش مثلا ، وجب رفضه ، ولم تشرع الاستخارة حينئذ .
الثاني : أن مسألة التيسير والتعسير ، قد يدخلها نوع من الشك والوسوسة ، فربما يتصل الولي على الخاطب ليبلغه في الفسخ فلا يجده ، فيقال : تعسّر الأمر ، وليس كذلك ، بل ينبغي أن يعاود الاتصال ، أو يرسل من يبلغه ، وهكذا .
الثالث : أنه لو خالف الإنسان مقتضى الاستخارة ، لا يكون عاصيا ، لكن قد يفوته خير كثير يندم عليه في حال الترك ، أو يلحقه ضرر في حال الإقدام على أمر لم ييسره الله له .
وكمال الإيمان والتوكل أن يفوض العبد أمره لله تعالى ، ويرضى باختياره ، ويمضي في الأمر بعد الاستخارة ويعزم ، ولا يكثر من الوسوسة .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (11981) ورقم (5882) .
نسأل الله تعالى أن ييسر لك الخير حيث كان .
والله أعلم .
تعليق