الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

يأخذ قرضا من الدولة للدراسة ويسدد نصفه فقط

السؤال

أدرس في ألمانيا , حيث أن الطلاب لديهم الإمكانية للحصول على مبلغ من المال شهرياً. و ذلك عن طريق تعبئة نموذج طلب , و يقوم الأشخاص المؤهلون بحساب المبلغ الذي ستحصل عليه و ذلك بناءً على دخل الأبوين , و الإيجار و غير ذلك من الأمور . و بعد الانتهاء من الدراسة , يجب عليك أن ترجع نصف المبلغ و ذلك عن طريق دفعات شهرية للدولة وبدون أي فائدة ربوية - و يمكن أن تدفع أقل من نصف المبلغ – , ولا يجب عليك دفع النصف الثاني من المبلغ . فهل يجوز التقدم لمثل هذا الدعم المالي لحصول على مثل راتب شهري من الدولة ؟ وهل يمكن أن تكون محرمة لأنك لن تدفع النصف الثاني من المبلغ للدولة ؟

الجواب

الحمد لله.

إذا كان القرض سيرد دون زيادة ، فلا حرج في أخذه ، سواء سُدد كاملا ، أو سدد نصفه ، أو أقل من نصفه ، أو حتى لم يسدد منه شيء قط ؛ لأن هذا تبرع من الدولة ، ولها أن تسقط الدين كله أو بعضه . 

والأصل في ذلك أن القرض عقد تبرع ابتداء ، وللمقرض ألا يسترد ماله ، ويستحب ذلك إذا كان المدين معسرا ، كما قال تعالى : ( وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) البقرة/280

وروى مسلم (1653) عن أَبِي قَتَادَةَ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ أَوْ يَضَعْ عَنْهُ ).

ومعنى ( ينفس عن معسر ) أي : يمد له في الأجل ، وينظره .

ومعنى ( يضع عنه ) أي : يسقط عنه الدين أو بعضه .

وأما إذا كان محل الإشكال أن هذه الدولة ليست دولة إسلامية ، وسوف يكون انتفاع الطالب هنا من أموال الكفار ؛ فهذا ـ أيضا ـ ليس فيه حرج إن شاء الله ، وقبول عطية المشرك وهبته جائز ، وقد ترجم على ذلك الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه : باب قبول الهدية من المشركين ، وروى فيه ـ ( 2618) ـ حديث : عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : ( كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ ؟ فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ ، أَوْ نَحْوُهُ ، فَعُجِنَ . ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً ، أَوْ قَالَ : أَمْ هِبَةً ؟ قَالَ : لَا ، بَلْ بَيْعٌ . فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً فَصُنِعَتْ .. ) الحديث .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" وَفِي هَذَا اَلْحَدِيثِ : قَبُولُ هَدِيَّة اَلْمُشْرِك لِأَنَّهُ سَأَلَهُ هَلْ يَبِيعُ أَوْ يُهْدِي ؟

وَفِيهِ : فَسَادُ قَوْل مَنْ حَمَلَ رَدَّ اَلْهَدِيَّةِ عَلَى اَلْوَثَنِيِّ دُونَ اَلْكِتَابِيِّ لِأَنَّ هَذَا اَلْأَعْرَابِيَّ كَانَ وَثَنِيًّا ".

وانظر : جواب السؤال رقم (6964) ، ورقم (85108) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب