الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

لم يصح حديث أن الرجل يتعلق بالرجل يوم القيامة فيقول : كنت تراني على المنكر ولا تنهاني

125950

تاريخ النشر : 03-01-2009

المشاهدات : 34458

السؤال

سمعت درسا على قناة فضائية إسلامية سرد فيه الشيخ حديثا لم أتذكره ، فيما معناه أنه يوم القيامة يأتي كافر يشكو عبدا كنا نظنه مؤمنا وملتزما كان يمر علينا ، ولكن لم يدعنا إلى الإسلام ، ولم يعظنا ، فيلحق الله تبارك وتعالى هذا العبد المؤمن بهؤلاء الكفار في النار ، نعوذ بالله منها . فهل صح حديث عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا المعنى ؟ أرجو أن تدلوني عليه بأسانيده وشروحه

الجواب

الحمد لله.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله من الواجبات المحتمات على الأمة الإسلامية ، وقد جاءت الآيات والأحاديث الكثيرة لتدل على هذا المعنى ، وتقرر هذا الحكم الشرعي ، سبق ذكر أطراف منها في أجوبة عديدة في موقعنا ، في جواب السؤال رقم : (11403) ، (38701) ، (96662)

ورغم كثرة الآيات والأحاديث الواردة في فضيلة هذه الشعيرة العظيمة " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " إلا أننا لم نجد فيها ما يصح بخصوص تعلق الناس يوم القيامة بمن ترك الدعوة والنصيحة ، ومطالبتهم بأخذ حقهم منه يوم القيامة عقوبة على تقصيره في ذلك ، وكل ما وقفنا عليه بهذا الخصوص هو ما ذكره الحافظ أبو السعادات ابن الأثير (606هـ) في كتابه " جامع الأصول من أحاديث الرسول " ولم يعزه لأحد، وذكره المنذري (643هـ) في كتابه " الترغيب والترهيب " (3/164) (حديث رقم/3506) وعزاه لرزين فقال :

" وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( كنا نسمع أن الرجل يتعلق بالرجل يوم القيامة وهو لا يعرفه ، فيقول له : ما لك إلي ، وما بيني وبينك معرفة ؟! فيقول : كنت تراني على الخطإ وعلى المنكر ولا تنهاني ) ذكره " رزين " ولم أره " انتهى نقل المنذري.

ورزين هذا قال الذهبي في ترجمته :

" رزين بن معاوية بن عمار ، الإمام المحدث الشهير ، أبو الحسن العبدري الأندلسي

السرقسطي ، صاحب كتاب : " تجريد الصحاح "، جاور بمكة دهرا ، حدث عنه : قاضي الحرم أبو المظفر محمد بن علي الطبري ، والزاهد أحمد بن محمد بن قدامة والد الشيخ أبي عمر ، والحافظ أبو موسى المديني ، والحافظ ابن عساكر وقال : كان إمام المالكيين بالحرم .

توفي بمكة في المحرم سنة خمس وثلاثين وخمس مئة وقد شاخ " انتهى.

" سير أعلام النبلاء " (20/204-205)

وقد بين العلماء أن كتاب رزين المسمى " تجريد الصحاح " مليء بالأحاديث التي لا يعرف مصدرها ، ولم يوقف على أصلها ، ولا يُدرَى من أين جاء بها .

قال ابن الصلاح في معرض تقرير بدعية صلاة الرغائب :

" ولا تستفاد له صحة – يعني لحديث صلاة الرغائب - مِن ذكر رزين بن معاوية إياه في كتابه في " تجريد الصحاح " ، ولا من ذكر صاحب " الإحياء " – يعني الغزالي - له فيه واعتماده عليه ، لكثرة ما فيهما من الحديث الضعيف ، وإيراد رزين له في مثل كتابه من العجب " انتهى.

نقلا عن " الباعث على إنكار البدع والحوادث " لأبي شامة المقدسي (ص/45)

وقال الذهبي رحمه الله :

" أدخل كتابه زيادات واهية لو تنزه عنها لأجاد " انتهى.

" سير أعلام النبلاء " (20/205)

وقال أيضا رحمه الله :

" وله في الكتاب زيادات واهية " انتهى.

" تاريخ الإسلام " (36/376)

ويقول ابن تيمية رحمه الله :

" ورزين قد ذكر في كتابه أشياء ليست في الصحاح " انتهى.

" منهاج السنة النبوية " (7/157).

ويقول الشوكاني رحمه الله :

" أدخل في كتابه الذي جمع فيه دواوين الإسلام بلايا وموضوعات لا تعرف ، ولا يُدرَى من أين جاء بها " انتهى.

" الفوائد المجموعة " (ص/49)

وقال العلامة المعلمي في تعليقه عليه :

" زاد أحاديث ليست فيها – يعني في الصحيحين والموطأ وسنن الترمذي والنسائي وأبي داود - ولا في واحد منها ، فإذا كان الواقع هكذا ، ومع ذلك لم ينبه في خطبة كتابه أو خاتمته على هذه الزيادات فقد أساء ، ومع ذلك فالخطب سهل ، فإن أحاديث غير الصحيحين من تلك الكتب ليست كلها صحاحا ، فصنيع رزين - وإن أوهم في تلك الزيادات أنها في بعض تلك الكتب - فلم يوهم أنه صحيح ولا حسن . وأحسب أن تلك الأحاديث التي زادها كانت وقعت له بأسانيده ، فإنها أحاديث معروفة في الجملة ، ومنها حديث صلاة الرغائب ولم يكن رزين من أهل النقد فلم يعرف حال الحديث " انتهى.

وقال اللكنوي رحمه الله :

" قال الشيخ الدهلوي في رسالته : وقد ذكر صاحب جامع الأصول في كتابه حديثا من كتاب رزين ، مع أن موضوع ذلك الكتاب جمع أحاديث الكتب الستة المسماة بالصحاح الست ، وإذا لم يجد في هذه الكتب حديثا في ذلك أورده من كتاب آخر استيفاء وتكميلا " انتهى.

" الأسرار المرفوعة " (ص/74)

وقال الشيخ الألباني رحمه الله :

" فاعلم أن كتاب رزين هذا جمع فيه بين الأصول الستة : " الصحيحين " و" موطأ مالك " و"سنن أبي داود " ، والنسائي ، والترمذي ، على نمط كتاب ابن الأثير المسمى " جامع الأصول من أحاديث الرسول " ، إلا أن في كتاب " التجريد " أحاديث كثيرة لا أصل لها في شيء من هذه الأصول ، كما يعلم مما ينقله العلماء عنه مثل المنذري في " الترغيب والترهيب " " انتهى.

" السلسلة الضعيفة " (رقم/207)

فالحاصل أن هذا الحديث لا يعرف له أصل .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب