الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

يحرص على الصلاة خلف الإمام فيضيق على الناس

127326

تاريخ النشر : 19-02-2009

المشاهدات : 42447

السؤال

أنا طالب في الجامعة وكثيرا ما أؤذن للصلاة وقد أشغلني أن بعض الطلاب يأتي إلى المسجد وبدلاً من أن يكمل الصف الأول يجلس في وسط الصف الثاني أو قريبا منه .. وعندما أقدم لأقيم الصلاة أو يقيمها غيري أرجع فأجده مكاني وقد أفسح لي مكانا ضيقا فأصلي وأنا كاره لفعله وأنشغل بفعله في صلاتي ... لي بعض الأسئلة: هل هناك فضل يختص بمن يصلي خلف الإمام مباشرة؟ هل يجوز له فعل ذلك مع العلم أنه يدخل على من هو أولى منه في السبق إلى هذا المكان وقد يضيق على السابقين له من المصلين؟ هل يدخل تصرف هذا الشخص فيمن فعل فعله في عدم احترام النظام الذي حرص عليه ديننا الإسلامي وهو أولى منه في المراجعات في الدوائر الحكومية أن الأفضلية لمن أتى أولا؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

ينبغي على كل مصلّ أن يحرص على عدم إيذاء أخيه المسلم وشغله في الصلاة كأن يضيّق عليه في المكان ، أو يكثر الحركة فيشغله في صلاته ونحو ذلك .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" التورُّك في الصلاة معروف ، أن تنصب اليمنى وتخرج اليسرى من الجانب الأيمن .

وهذا يوجب من الإنسان أن يتجافى قليلاً ، وربما يكون الصف متضايقاً والناس مزدحمين فيه فيؤذي مَن إلى جانبه .

فهنا اجتمع عندنا شيئان : فعل سنة ، ودفع أذى عن المسلم ، فأيهما أولى : فعل السنة ، أو دفع الأذى ؟ الأَوْلى دفع الأذى ؛ لأن أذية المؤمن ليست بالهينة .

فهذه القاعدة انتبه لها : تركُ السنة لدفع الأذية خير من فعل السنة مع الأذية ، فهذا المتورِّك إذا كان بتَوَرُّكِه يؤذي جاره فلا يتورَّك ، وإذا علم الله من نيته أنه لولا هذا لَتَوَرَّكَ ، فإن الله تعالى يثيبه " انتهى مختصرا .

"لقاء الباب المفتوح" (2/38) .

كما أنه ينبغي على كل مصل التغاضي عن كل ما يمكن التغاضي عنه لأخيه المسلم ، وخاصة إذا صفوا للصلاة ، فلا ينبغي أبدا أن توجد دواخل في النفوس من شأنها إفساد العلائق ، وإشغال المصلى ، وإيغار النفوس بلا داع أحيانا .

فعليك يا أخي أن لا تشغل نفسك بفعل أخيك ، ولعله لا يقصد إيذاءً ، ولا يضمر أمرا ، وإذا احتاج الأمر في نظرك إلى نصحه ، فإنه ينبغي نصحه بالمعروف ، فقد يفوته المسلك غير اللائق ، فعليك تنبيهه وإرشاده .

وتأمل قول أَبِي مَسْعُودٍ البدري رضي الله عنه : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ وَيَقُولُ : ( اسْتَوُوا وَلَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ ، لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ) رواه مسلم (432) .

تأمل كيف حرص النبي صلى الله عليه وسلم على عدم اختلاف القلوب وهم في الصلاة ؟

ثانيا :

أما قولك : هل هناك فضل يختص بمن يصلي خلف الإمام مباشرة ؟

فالجواب : نعم وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى) يدل على أن القرب من الإمام أفضل من البعد عنه .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" المشروع للمسلم إذا أتى المسجد أن يتقدم إلى الصف الأول ، وأن يحرص على القرب من الإمام ، ومتى كمل الصف الأول ، شرع للمسلم التقدم للصف الثاني وهكذا " انتهى .

"مجموع فتاوى ابن باز" (12/206) .

وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : أرجو توضيح فضل القرب من الإمام في الصف الأول والصلاة خلفه مباشرة .

فأجاب :

"يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ) معنى ذلك : أنه لو لم يمكن الحصول على الصف الأول إلا بالقرعة لفعلوها ، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم : (تقدموا وائتموا بي وليأتم بكم من بعدكم).

فالقرب من الإمام في الصف الأول يكون به قدوة للآخرين ، لأنهم يأتمون بالإمام مباشرة ، ويرون الإمام مباشرة ، فيأتمون به ، وهذا أفضل ممن يقتدي بمن خلف الإمام من الصفوف ، وأيضًا قوله صلى الله عليه وسلم : (ليليني منكم أولو الأحلام والنهى) فهذا يدل على أنه ينبغي أن يتقدم أهل الفضل وأهل العلم ليكونوا قريبين من الإمام ، فيفتحون عليه إذا احتاج لمن يفتح عليه بالقراءة ، أو نابه شيء في الصلاة استطاعوا أن يساعدوه ، وأن يستخلف من يكمل الصلاة لو احتاج إلى الاستخلاف ، فالتقدم إلى الصف الأول والقرب من الإمام فيه فضائل عظيمة ، وفيه خيرات ، وفيه دلالة على مبادرة الإنسان إلى الخير ورغبته فيه ، وأنه من السابقين إلى فعل الخير، أما التأخر فإنه يدل على الكسل وعدم الرغبة في الخير ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : (لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله) ولأن التأخر والتكاسل من صفات المنافقين ، قال تعالى : (وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ) سورة التوبة /54 . أما التقدم إلى الصف الأول والقرب من الإمام فهذا دليل على الرغبة في الخير والبراءة من النفاق" انتهى .

http://www.alfawzan.ws/alfawzan/library/tabid/90/Default.aspx?View=Page&PageID=798&PageNo=1&BookID=31&SectionID=1

 ثالثاً :

قولك هل يدخل تصرف هذا الشخص في عدم احترام النظام الذي حرص عليه ديننا الإسلامي؟

فالجواب : لعله ليس من هذا القبيل ، ثم هو مبادر في الأصل إلى التبكير إلى المسجد ، فلا يحتاج إلا إلى من ينصحه بالتزام الصف الأول ، والجلوس خلف الإمام لو شاء ، دون أن يضيق على أحد أو يزحمه .

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والهداية .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب