الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

لا ينبغي التشدد في الاستنجاء بعد قضاء الحاجة

127362

تاريخ النشر : 16-02-2009

المشاهدات : 218414

السؤال

أنا أشعر بحرج شديد أثناء التطهر من الحدث الأكبر حيث إنني أتطهر بالقليل من الماء ومن ثم أستجمر أحيانا 21 مرة وأحيانا أكثر ومع ذلك أرى أثرا مما يجعلني أتطهر مرة أخرى بالماء ولذلك أصبحت أمضي وقتا طويلا في دورة المياه للتطهر مما ألحق بي أضرارا صحية فما رأيكم ؟ وهل يوجد عدد معين للاستجمار تحصل به الطهارة ؟

الجواب

الحمد لله.

أولاً :

الحدث الأكبر يطلق على الجنابة والحيض والنفاس ، وكيفية التطهر منه : تبدأ المرأة بالاستنجاء ثم تعم بدنها بالماء ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (10790) .

أما خروج الريح والبول والغائط والمذي ... إلخ فهذا هو الحدث الأصغر ، ولعلك تقصدين ذلك .

قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : "الحدث الأصغر : ما يُوجب الوضوء دون الغسل كخروج البول والغائط والريح من الدبر ، وأكل لحم الجزور والنوم .

أما الحدث الأكبر : فهو ما يُوجب الغسل كالجماع ، وإنزال عن شهوة في حال الاحتلام أو غيره ، والحيض ، والنفاس" انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" - المجموعة الثانية - (4/112) .

 ثانياً :

الاستجمار هو إزالة ما على السبيلين [الفرجين] من نجاسة بحجر أو منديل وما يشبه ذلك .

والواجب في الاستجمار ألا تقل عدد المسحات عن ثلاثة ، وأن يحصل الإنقاء ، وهو إزالة النجاسة ، وجفاف المكان ، وعلامة حصول الطهارة : أن تخرج آخر مسحة جافة ليس عليها أثر من النجاسة ، فإذا حصل هذا فقد حصل المقصود وطهر المحل .

روى مسلم (262) عَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه أنه قال : (نَهَانَا نَبِيُّنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ) .

قال ابن قدامة في "المغني" (1/102) :

" يُشْتَرَطُ الْأَمْرَانِ جَمِيعًا : الْإِنْقَاءُ , وَإِكْمَالُ الثَّلَاثَةِ , أَيُّهُمَا وُجِدَ دُونَ صَاحِبِهِ لَمْ يَكْفِ , وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَة" انتهى .

وقد سُئِل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : إذا استنزه الرجال بالأحجار دبراً كان أو قبلاً بماذا يستنزه النساء قبلا عند عدم الماء ؟

فأجابوا : "الاستجمار بالأحجار وما يقوم مقامها من غير العظام والأرواث قائم مقام الاستنجاء بالماء في تطهير القبل والدبر ، والرجال والنساء في ذلك سواء ، والواجب : ثلاثة أحجار منقيات لكل واحد من الدبر والقبل ، فإن لم تكف وجبت الزيادة حتى يحصل النقاء ، والأفضل: القطع على وتر ، فإذا أنقى بأربعة شُرِعَ أن يستجمر بخامس ، وإذا أنقى بستة شُرِعَ أن يستجمر بسابع ؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : (ومن استجمر                   فليوتر)" انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" - المجموعة الثانية - ( 4 / 36 ).

أما إن كنت تقصدين بالاستجمار غسل أثر النجاسة بالماء ، فهذا لا يشترط له عدد ، والواجب هو غسل النجاسة حتى يغلب على الظن أنها قد زالت ، ويكفي هنا العمل بغلبة الظن ، ولا يشترط تيقن أنها زالت .

واعلمي أن هذا التشدد هو من وساوس الشيطان ، التي يريد بها أن تكون العبادة شاقة على المسلم فيتركها ، أو ينغص عليه حياته ، ويوقعه في الضيق والحزن .

فعليك الاقتصار على ما ورد به الشرع من غير زيادة ولا نقصان ، فإذا وسوس إليك الشيطان أنك لم تطهري فلا تلتفتي إلى هذه الوسوسة حتى يذهبها الله تعالى عنك .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله : "يجب على المؤمن أن يكون عدواً للشيطان ، محارباً له ، مكافحاً له ، لا يخضع له ، فإذا أملى عليك أنك ما توضأت وما صليت وأنت تعرف أنك توضأت وصليت فترى يدك فيها الماء وتعلم أنك صليت فلا تطاوع عدو الله ، واجزم بأنك صليت ، واجزم بأنك توضأت ، ولا تُعِدْ شيئاً من ذلك ، وتعوذ بالله من عدو الله الشيطان .

هكذا يجب على المؤمن يكون قوياً في حرب عدو الله ، وفي مكافحته حتى لا يغلب عليه وحتى لا يؤذيه ، فإنه متى غلب على الإنسان جعله كالمجنون يتلاعب به ، فالواجب على المؤمن وعلى المؤمنة : الحذر من عدو الله ، والاستعاذة بالله من شره ومكايده ، وبالقوة في  ذلك ، والصبر في ذلك حتى لا تُطاوعه في إعادة صلاة ، ولا في إعادة وضوء ، ولا في إعادة تكبير ، ولا في غير ذلك .

وهكذا إذا قال لك : ثوبك نجس ، أو البقعة نجسة ، أو الحمام فيه نجاسة ، أو الأرض التي وطأتها فيها نجاسة ، أو مصلاك فيه كذا فلا تطعه في ذلك ، كذب عدو الله ، واستعذ بالله من شره ، وصَلِّ في المكان الذي تصلي فيه ، والسجادة التي تصلي عليها كذلك ، والأرض التي تطأ عليها وتعرف أنها طاهرة إلا إذا رأيت بعينك نجاسة وطأتها رطبة فاغسل رجلك ، والحمد لله .

أما وساوسه فلا تطاوع عدو الله فيها ، واعرف أن الأصل : هو الطهارة ، هذا هو الأصل ، فلا تطاوع عدو الله في شيء إلا في يقين رأيته بعينك ، وشاهدته بعينك ، حتى لا يغلب عليك عدو الله ، نسأل الله للجميع العافية" انتهى .

"فتاوى نور على الدرب" ( 1 / 77 ، 78 ) .

ونسأل الله أن يلهمك رشدك ويوفقك لكل خير .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب

موضوعات ذات صلة