الخميس 6 جمادى الأولى 1446 - 7 نوفمبر 2024
العربية

ابتلي بالوسوسة في الطلاق بعد العقد بساعتين

127870

تاريخ النشر : 23-01-2009

المشاهدات : 42456

السؤال

أنا شاب عقدت قراني علي فتاة ، وبعد عقد القران بفترة قصيرة جدا ما تتجاوز الساعتين ، بدون أي مقدمات وسوس لي بفكرة الطلاق ، ومنذ تلك اللحظة أصبحت كلمة "أنتِ" أو "أنتِ طالق" ثقيلة علي لساني وتريد الخروج ، وأنا لا أريد الطلاق ، ولكن هذا الشيء كان أقوى مني ، حيث أشعر بأن الذي يتكلم ليس أنا ؛ علما بأني كنت أتحدث مع نفسي ، ولم يكن الصوت مسموعا ، حيث كنت بالسيارة ؛ فأنا لا أذكر : هل أنا تلفظت بها أم لا ؟ علما بأنه لم يكن في بالي أبدا الطلاق ، حيث إنني أحب الفتاة ، والحمد لله عقدت قراني عليها ؛ فلماذا أطلق بدون سبب ؟ ودائما الشيطان يوسوس لي بأني أعيش بالحرام وأنا أشعر بالهم علي صدري !!

الجواب

الحمد لله.

المبتلى بالوسواس لا يقع طلاقه حتى لو تلفظ به ، ما دام لم يقصد الطلاق ، لأنه كما ورد في السؤال : لا يريد الطلاق ، ولا يفكر فيه ، وليس هناك ما يدعو له ، وإنما هي هواجس ووساوس ، وقد تقوى هذه الوساوس حتى يخيل له أنه تلفظ بالطلاق ، بل قد يلفظ به ، لكنه معذور في ذلك ؛ لأنه مغلوب على عقله ، كالمغلق عليه من الغضب الشديد ، أو الغالط الذي يتلفظ بكلمة الطلاق خطأ .

وقد بوب البخاري في صحيحه : بَاب الطَّلَاقِ فِي الْإِغْلَاقِ وَالْكُرْهِ وَالسَّكْرَانِ وَالْمَجْنُونِ وَأَمْرِهِمَا وَالْغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ فِي الطَّلَاقِ وَالشِّرْكِ وَغَيْرِهِ ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) ، وَتَلَا الشَّعْبِيُّ : ( لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) ، وَمَا لَا يَجُوزُ مِنْ إِقْرَارِ الْمُوَسْوِسِ ؛ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ : ( أَبِكَ جُنُونٌ ) ، وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ : لَا يَجُوزُ طَلَاقُ الْمُوَسْوِسِ " انتهى مختصرا .

وقد صرح جماعات من الفقهاء بما ذكرنا ، من أنه لا يقع طلاق الموسوس ، ولا يلزمه من ذلك شيء .

قال أبو القاسم العبدري :

" وسمع عيسى في رجل توسوسه نفسه ، فيقول : قد طلقت امرأتي ، أو : يتكلم بالطلاق ، وهو لا يريده ، أو : يشككه ؟

فقال : يُضرِب عن ذلك [ يعني : ينتهي عنه ] ، ولا شيء عليه .

ابن رشد : هذا مثل ما في المدونة : أن الموسوس لا يلزمه طلاق ، وهو مما لا طلاق فيه ؛ لأن ذلك إنما هو من الشيطان ، فينبغي أن يتلهى عنه ، ولا يلتفت إليه ؛ فإنه إذا فعل ذلك أيس الشيطان منه ، فكان ذلك سببا لانقطاعه عنه إن شاء الله  ." انتهى . باختصار يسير ، من التاج والإكليل (4/86) .

وينظر : البحر الرائق (5/51) لابن نجيم الحنفي ، وإعلام الموقعين لابن القيم (4/49).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( المبتلى بالوسواس لا يقع طلاقه ، حتى لو تلفظ به بلسانه ، إذا لم يكن عن قصد ، لأن هذا اللفظ باللسان يقع من الموسوس من غير قصد ولا إرادة ، بل هو مغلق عليه ، ومكره عليه ، لقوة الدافع وقلة المانع ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا طلاق في إغلاق " . فلا يقع منه طلاق إذا لم يرده إرادة حقيقية بطمأنينة ، فهذا الشيء الذي يكون مرغما عليه بغير قصد ولا اختيار فإنه لا يقع به طلاق.) انتهى ، نقلا عن : "فتاوى إسلامية" (3/277).

والحاصل أنه لا يقع عليك شيء من الطلاق ولو تلفظت به ، إلا إذا قصدت الطلاق بقولك ، وينبغي أن تسعى لعلاج هذه الوسوسة بالإكثار من الطاعة والذكر ، وبالإعراض عنها ومخالفة ما تدعو إليه .

وينظر : سؤال رقم  (62839) ورقم (105994) .

ونسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك ويصرف عنك كيد الشيطان .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب