الحمد لله.
صلاة الجمعة من الواجبات العينية والفروض المؤكدة على الرجال ، وهي من شعائر الإسلام الظاهرة ، وهي عيد المسلمين الأسبوعي المتكرر ، وقد أمرنا الله بالسعي إلى المساجد يوم الجمعة حين يُنادى لها ؛ لشهود الخطبة ، والصلاة ، وحرم البيع بعد سماع النداء حتى تؤدى الصلاة ، فقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ . فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) الجمعة/ 9 ، 10 .
وقد جاء الوعيد الشديد في ترك صلاة الجمعة مع غير عذر ، وقد ذكرنا ذلك في جوابي السؤالين : (7699) و (39054) .
وخطأ الإمام أو بدعته وفسقه ليس مسوِّغاً لترك الجمعة .
والمشروع للمسلم أن يبحث عن خطيب حسن على منهج أهل السنة والجماعة ، فيصلي خلفه ، فإن لم يجد فإنه يصلي خلف الخطيب الموجود ، ولو كان فاسقاً ، أو مبتدعاً .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"ولو علم المأموم أن الإمام مبتدع يدعو إلى بدعته أو فاسق ظاهر الفسق ، وهو الإمام الراتب الذي لا تمكن الصلاة إلا خلفه كإمام الجمعة والعيدين والإمام في صلاة الحج بعرفة ونحو ذلك ، فإن المأموم يصلي خلفه عند عامة السلف والخلف ، وهو مذهب أحمد والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم .
ولهذا قالوا في العقائد : "إنه يصلي الجمعة والعيد خلف كل إمام براً كان أو فاجراً" .
وكذلك إذا لم يكن في القرية إلا إمام واحد فإنها تصلى خلفه الجماعات ، فإن الصلاة في جماعة خير من صلاة الرجل وحده وإن كان الإمام فاسقاً ، هذا مذهب جماهير العلماء : أحمد بن حنبل والشافعي وغيرهما ، بل الجماعة واجبة على الأعيان في ظاهر مذهب أحمد .
ومن ترك الجمعة والجماعة خلف الإمام الفاجر فهو مبتدع عند الإمام أحمد وغيره من أئمة السنة .
والصحيح : أنه يصليها ولا يعيدها ، فإن الصحابة كانوا يصلون الجمعة والجماعة خلف الأئمة الفجار ولا يعيدون ، كما كان ابن عمر يصلي خلف الحجاج ...
والفاسق والمبتدع صلاته في نفسه صحيحة ، فإذا صلى المأموم خلفه لم تبطل صلاته ، لكن إنما كره من كره الصلاة خلفه لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب ، ومن ذلك : أن من أظهر بدعة أو فجوراً لا يرتب إماماً للمسلمين ، فإنه يستحق التعزير حتى يتوب ، فإذا أمكن هجره حتى يتوب كان حسناً ، وإذا كان بعض الناس إذا ترك الصلاة خلفه وصلى خلف غيره أَثَّر ذلك حتى يتوب أو يعزل أو ينتهي الناس عن مثل ذنبه فمثل هذا إذا ترك الصلاة خلفه كان فيه مصلحة ولم يفت المأموم جمعة ولا جماعة ، وأما إذا كان ترك الصلاة يفوت المأموم الجمعة والجماعة فهنا لا يترك الصلاة خلفهم إلا مبتدع مخالف للصحابة رضي الله عنهم .
وكذلك إذا كان الإمام قد رتبه ولاة الأمور ولم يكن في ترك الصلاة خلفه مصلحة فهنا ليس عليه ترك الصلاة خلفه ، بل الصلاة خلف الإمام الأفضل أفضل ، وهذا كله يكون فيمن ظهر منه فسق أو بدعة تظهر مخالفتها للكتاب والسنة" انتهى باختصار .
"مجموع الفتاوى" (23/352 – 355) .
فعلى هذا ، عليك أن تصلي الجمعة والجماعة مع هذا الإمام إن لم يوجد غيره ، وعليك أيضاً أن تقوم بنصيحته برفق ولين ، وتبين له الصواب ، لعله يرجع عن خطئه ويهديه الله .
والله أعلم
تعليق