الحمد لله.
أولاً :
لا تقاس الحياة الآخرة على الحياة الدنيا ، لتمام المفارقة ، وشدة تباين أحوال الدارين ، وقد روى البخاري (3244) ومسلم (2824) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ اللَّهُ عز وجل : ( أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ) فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : ( فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ) .
ولا يدخل أهل الجنة الجنة حتى يهذبوا وينقوا ، وينزع الله عن صدورهم الغل ، كما قال تعالى : ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ) الحجر/47 .
وروى البخاري (6535) عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (يَخْلُصُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ النَّارِ فَيُحْبَسُونَ عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَيُقَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِمُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا ، حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ) .
فإذا دخلوا الجنة فلا وجود لشيء من منغصات الحياة .
وإذا دخل المؤمن الجنة ، وكان له فيها ما شاء الله من الحور العين ، فلا معنى للتساؤل عن غيرة الزوجات ، أو نشوز الزوجة ، أو ظلم الزوج ، وقد روى مسلم (2836) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَنْعَمُ لَا يَبْأَسُ) .
وروى مسلم أيضا (2838) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِنَّ لِلْمُؤْمِنِ فِي الْجَنَّةِ لَخَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ مُجَوَّفَةٍ ، طُولُهَا سِتُّونَ مِيلًا ، لِلْمُؤْمِنِ فِيهَا أَهْلُونَ ، يَطُوفُ عَلَيْهِمْ الْمُؤْمِنُ ، فَلَا يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا) .
فانظري إلى قوله صلى الله عليه وسلم : (فَلَا يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا) مع أنهم في خيمة واحدة ، وذلك زيادة في النعيم ، وإبعادا عن أسباب الغيرة .
فلا مجال لكدر العيش ولا تنغيصه ، ولا وجود لأسباب تقتضي ما كانت تقتضيه في الدنيا من الغيرة ونحوها .
والجنة دار نعيم وجزاء ، ليست بدار تكليف وابتلاء ، فليس في الجنة تكليف بطاعة أحد ، أو إلزام بفعل ما ، وإنما فيها النعيم الذي لا ينقطع ، يتقلب فيه أهلها بكرة وعشيا .
وقد مَنَّ الله تعالى على أهل الجنة بغلمان مخلَّدين يخدمونهم ، فلا يحتاج أحد من أهل الجنة إلى خدمة زوجته أو ابنه أو غيرهما ، ولا وجود لتلك المهام المعيشية التي لا بد فيها من الخدمة ، كالعجن والخبز ... الخ .
فإذا دخل أهل الجنة الجنة فلا تعب ولا نصب ، ولا هم ولا حزن ، وإنما هو النعيم المقيم ، نسأل الله تعالى أن نكون من أهلها .
ولمزيد الفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (25843) .
والله أعلم .
تعليق