الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

حكم الاعتكاف في غرفة منعزلة عن المسجد

السؤال

مسجدنا به مكانان منعزلان خارج المسجد وقد اعتدنا أن نصلي في هذا المكان ومنذ أن اكتمل بناء المسجد فإننا نصلي بداخله فهل يجوز لنا الاعتكاف في هذه الأماكن ؟

الجواب

الحمد لله.

الاعتكاف هو لزوم مسجد لطاعة الله ، فهو مختص بالمساجد ، لا يصح في غيرها .

قال ابن قدامة رحمه الله : " ولا يصح الاعتكاف في غير مسجد إذا كان المعتكف رجلا . لا نعلم في هذا بين أهل العلم خلافا , والأصل في ذلك قول الله تعالى : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) فخصها بذلك , ولو صح الاعتكاف في غيرها , لم يختص تحريم المباشرة فيها ; فإن المباشرة محرمة في الاعتكاف مطلقا . وفي حديث عائشة قالت : (إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخل علي رأسه , وهو في المسجد , فأرجله , وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفا) . وروى الدارقطني بإسناده عن الزهري عن عروة وسعيد بن المسيب عن عائشة في حديث : (وأن السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لحاجة الإنسان , ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة)" انتهى من "المغني" (3/65) .

وهذا المكان المنعزل ، لا يظهر أنه من المسجد المعدّ للصلاة ، فلا يصح الاعتكاف فيه .

والضابط في تحديد ما يدخل من الحجر والغرف في المسجد وما لا يدخل أن يقال : 

1- إذا كانت الغرفة المتصلة بالمسجد قد أعدت لتكون مسجدا ، أي نواها باني المسجد أن تكون جزءا من المسجد الذي يُصلى فيه ، فلها أحكام المسجد ، فيجوز الاعتكاف فيها ، وتمنع الحائض والنفساء منها .
وأما إن كانت قد نويت لتكون ملاحق للتعليم أو لعقد الاجتماعات ، أو سكنا للإمام أو المؤذن ، لا لتكون محلا للصلاة ، فلا تأخذ حكم المسجد حينئذ .
2- إذا جهلت نية باني المسجد ، فالأصل أن ما كان داخل سور المسجد ، وله باب على المسجد ، فله حكم المسجد .

3- الفناء والرحبة المحاطة بسور المسجد لها حكم المسجد .

قال النووي رحمه الله : " حائط المسجد من داخله وخارجه له حكم المسجد في وجوب صيانته وتعظيم حرماته , وكذا سطحه , والبئر التي فيه , وكذا رحبته , وقد نص الشافعي والأصحاب رحمهم الله على صحة الاعتكاف في رحبته وسطحه وصحة صلاة المأموم فيهما مقتديا بمن في المسجد " انتهى من "المجموع" (2/207) .

وقال في "مطالب أولي النهى" (2/234) : "ومن المسجد : ظهره , أي : سطحه , ومنه : رحبته المحوطة . قال القاضي : إن كان عليها حائط وباب , فهي كالمسجد , لأنها معه , وتابعة له , وإن لم تكن محوطة , لم يثبت لها حكم المسجد . ومنه : منارته التي هي أو بابها بالمسجد , فإن كانت هي أو بابها خارجة , ولو قريبة , وخرج المعتكف إليها للأذان , بطل اعتكافه" انتهى باختصار .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : الغرفة التي بداخل المسجد هل يجوز الاعتكاف فيها؟
فأجاب : "هذه فيها احتمال ، من نظر إلى مطلق كلام الفقهاء قال : إنها من المسجد ، لأنه يقول الحجرة والغرفة التي يحيط بها جدار المسجد من المسجد ، ومن نظر إلى أنها بنيت لا على أنها من المسجد وأنها حجرة للإمام فهي كبيوت الرسول عليه الصلاة والسلام ، فبيوت الرسول أبوابهن إلى المسجد ومع ذلك هو بيت ، ما يخرج الرسول عليه الصلاة والسلام إليه [أي في الاعتكاف] فالاحتياط أن المعتكف لا يكون فيها ، ولكن عرف الناس عندنا الآن أن الحجر التي في المساجد تعتبر من المسجد" انتهى من "شرح الكافي".

وينظر جواب السؤال رقم (118685) ورقم (34499) لمزيد من الفائدة .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب