الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

ينزل عيسى عليه السلام آخر الزمان حاكما بالشريعة المحمدية

137821

تاريخ النشر : 07-10-2009

المشاهدات : 73943

السؤال

سؤالي هو ناتج عن مناظرة لي مع قادياني قال فيها أن النبي محمدا (صلى الله عليه وسلم) كان خاتم النبيين فبأي معنى يأتي عيسى عليه السلام بعد ذلك وهل سيأتي كنبي أم خليفة؟ أرجو الجواب من فضلك

الجواب

الحمد لله.

أولا :

قد تواترت الأدلة الشرعية ، من نصوص الكتاب والسنة ، وإجماع الأمة في كل عصر ومصر ، على أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين والمرسلين ، ومن ادعى النبوة بعده فهو كذاب دجال .

قال الله عز وجل : ( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) الأحزاب / 40

قال ابن كثير رحمه الله :

" أخبر تعالى في كتابه ، ورسوله في السنة المتواترة عنه : أنه لا نبي بعده ؛ ليعلموا أن كل مَنِ ادعى هذا المقام بعده فهو كذاب أفاك ، دجال ضال مضل ، ولو تخرق وشعبذ ، وأتى بأنواع السحر والطلاسم ، فكلها محال وضلال عند أولي الألباب ، كما أجرى الله، سبحانه وتعالى على يد الأسود العَنْسي باليمن ، ومسيلمة الكذاب باليمامة ، من الأحوال الفاسدة والأقوال الباردة ، ما علم كل ذي لب وفهم وحِجى أنهما كاذبان ضالان ، لعنهما الله .

وكذلك كل مدع لذلك إلى يوم القيامة حتى يختموا بالمسيح الدجال .

" انتهى من "تفسير ابن كثير" (6/430-431)

وروى البخاري (3455) ومسلم (1842) عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ ، وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي ) .

وروى مسلم (523) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ : أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا ، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً ، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ ) .

وروى الترمذي (2272) وصححه عن أنس بن مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الرِّسَالَةَ وَالنُّبُوَّةَ قَدْ انْقَطَعَتْ ، فَلَا رَسُولَ بَعْدِي وَلَا نَبِيَّ ) .

صححه الألباني في "صحيح الترمذي" ، وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط مسلم .

ثانيا :

دلت الأدلة الصحيحة أيضا على نزول عيسى ابن مريم عليه السلام في آخر الزمان ، وأنه ينزل حاكما بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم ، متبعا له ، لا ينزل برسالة مستقلة ، وشريعة جديدة . 

روى البخاري (2222) ومسلم (155) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا ، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ ) .

قال العراقي رحمه الله :

" الْمُرَادُ أَنَّهُ يَنْزِلُ حَاكِمًا بِهَذِهِ الشَّرِيعَةِ لَا نَبِيًّا بِرِسَالَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ وَشَرِيعَةٍ نَاسِخَةٍ ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الشَّرِيعَةَ بَاقِيَةٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا تُنْسَخُ ، وَلَا نَبِيَّ بَعْدَ نَبِيِّنَا كَمَا نَطَقَ بِذَلِكَ ، وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ بَلْ هُوَ حَاكِمٌ مِنْ حُكَّامِ هَذِهِ الْأُمَّةِ " انتهى .

"طرح التثريب" (8/ 117)

وروى مسلم (156) عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ قال : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

( لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . قَالَ : فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ : تَعَالَ صَلِّ لَنَا . فَيَقُولُ : لَا إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ ، تَكْرِمَةَ اللَّهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ ) .

وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ ) متفق عليه .

قال الحافظ رحمه الله :

" قَالَ أَبُو الْحَسَن الْآبِريّ فِي مَنَاقِب الشَّافِعِيّ : تَوَاتَرَتْ الْأَخْبَار بِأَنَّ الْمَهْدِيّ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّة وَأَنَّ عِيسَى يُصَلِّي خَلْفه . وَقَالَ أَبُو ذَرّ الْهَرَوِيُّ : حَدَّثَنَا الْجَوْزَقِيّ عَنْ بَعْض الْمُتَقَدِّمِينَ قَالَ : مَعْنَى قَوْله : " وَإِمَامكُمْ مِنْكُمْ " يَعْنِي أَنَّهُ يَحْكُم بِالْقُرْآنِ لَا بِالْإِنْجِيلِ . وَقَالَ اِبْن التِّين : مَعْنَى قَوْله : " وَإِمَامكُمْ مِنْكُمْ " أَنَّ الشَّرِيعَة الْمُحَمَّدِيَّة مُتَّصِلَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة , وَأَنَّ فِي كُلّ قَرْن طَائِفَة مِنْ أَهْل الْعِلْم .

وَقَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : لَوْ تَقَدَّمَ عِيسَى إِمَامًا لَوَقَعَ فِي النَّفْس إِشْكَال ، وَلَقِيلَ : أَتُرَاهُ تَقَدَّمَ نَائِبًا أَوْ مُبْتَدِئًا شَرْعًا , فَصَلَّى مَأْمُومًا لِئَلَّا يَتَدَنَّس بِغُبَارِ الشُّبْهَة وَجْه قَوْله : " لَا نَبِيّ بَعْدِي "

انتهى مختصرا .

وقال علماء اللجنة الدائمة :

" دلت الأحاديث على نزوله آخر الزمان ، وعلى أنه يحكم بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى أن إمام هذه الأمة ـ في الصلاة وغيرها ، أيام نزول عيسى ـ من هذه الأمة ، وعلى ذلك لا تكون هناك منافاة بين نزوله وبين ختم النبوة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم

؛ حيث لم يأت عيسى برسالة جديدة ، ولله الحكم أولا وآخرا ، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، ولا معقب لحكمه ، وهو العزيز الحكيم " انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (3 / 301-302)

وقال علماء اللجنة أيضا :

" ورد في القرآن نصوص في رفع عيسى ابن مريم حيا إلى السماء ، ونزوله نبيا رسولا ؛ وذلك امتدادا لنبوته ورسالته قبل رفعه ، لكن لا يدعو إلى شريعته ، بل يدعو إلى أصول الإسلام التي دعا إليها الأنبياء والمرسلون جميعا ، وإلى الفروع التي جاء بها خاتم

الرسل محمد عليه الصلاة والسلام ، فليست نبوة ورسالة جديدة حتى تتنافى مع ختم النبوات برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم " انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (3 / 328-329)

ثالثا :

ينبغي أن يعلم أن هذه الفرقة – القاديانية – فرقة ضالة خبيثة ، قد جرت خطوط العلماء بتكفير من ينتسب إليها ؛ لما هم عليه من الكفر والضلال المبين ، حيث يؤمنون بنبوة إمامهم الضال غلام أحمد القادياني ، الذي ادعى النبوة ، وادعى نسخ الجهاد في سبيل الله خدمة للاستعمار ، وألغى الحج إلى مكة ، وحوله إلى قاديان ، التي عندهم أفضل من مكة والمدينة .

كما يدعون في إمامهم الدجال الضال أنه ابن الله ، ويؤمنون بعقيدة التناسخ والحلول ، ويشبهون الله تعالى بالبشر .. إلى آخر ما يدينون به من الكفر ، ويؤمنون به من الضلال .

راجع لمعرفة حقيقة أمرهم وما هم عليه من الكفر إجابة السؤال رقم : (4060) .

والذي ننصح به : ألا يشتغل بالمناظرة معهم ، أو مع غيرهم من أهل البدع والضلال ، إلا من كانت عنده الأهلية لذلك ، من تمكنه في العلم الشرعي ، ومعرفته بحقيقة مذهب القوم وضلالهم ، وما قاله أهل العلم فيهم وفي ضلالاتهم .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب