الحمد لله.
صوم رمضان واجب على كل مسلم بالغ عاقل مقيم صحيح ؛ لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ . أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/183، 184 .
والصوم ركن من أركان الإسلام الخمسة التي بني عليها ، كما هو معلوم من دين الإسلام بالضرورة ، ينشأ على تعظيمه الصغير والكبير في ديار الإسلام ، وتعظيمه مما استقر في فطر المؤمنين ، قال الله تعالى : ( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) الحج/32 .
وينظر جواب السؤال رقم (38747) .
والواجب على المسلم أن يعظم هذه الشعيرة بتعظيم الله لها ، وأن يحذر من التهاون بها ، ويسعى لاتخاذ الوسائل الممكنة لإقامتها ، كما أمر الله ؛ فإن كان يشق عليه الصيام أثناء عمله : فالواجب عليه أن ينقل عمله من النهار إلى الليل ، ما دام يمكنه ذلك ، ومثل هذه العمليات المعتادة ـ يعني : غير حالات الطوارئ ـ يمكن أن تجرى في الليل ، كما تجرى في النهار ، وكما هي عادة كثير من الأطباء .
فإن لم يمكن أن ينقل عمله في الليل : فالواجب عليه أن يجعل إجازته السنوية في شهر رمضان ، أو في جزء منه على الأقل ، إن أمكنه ذلك ، ويتفرغ فيه للصيام .
فإن لم يمكنه ذلك ، ولم يجد عملا آخر يمكنه من الصيام في نهار رمضان ، وتضرر بترك عمله : جاز له أن يفطر اليوم الذي تلحقه فيه المشقة المعتبرة فعلا ، وليس لمجرد خوف المشقة ، ثم يقضي ما أفطره في يوم إجازته الأسبوعية ، أو في أي يوم آخر يمكنه فيه القضاء ، شريطة أن يستكمل صيام الأيام التي أفطرها قبل دخول رمضان من العام التالي.
قال في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 478) : " ومن صنعته شاقة وتضرر بتركها , وخاف تلفا أفطر وقضى , ذكره الآجري " انتهى .
وفي "الموسوعة الفقهية" (28 / 57) : " قال الحنفية : المحترف المحتاج إلى نفقته كالخباز والحصاد ، إذا علم أنه لو اشتغل بحرفته يلحقه ضرر مبيح للفطر ، يحرم عليه الفطر قبل أن تلحقه مشقة " . انتهى .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/ 233) : " لا يجوز للمكلف أن يفطر في نهار رمضان لمجرد كونه عاملا ، لكن إن لحق به مشقة عظيمة اضطرته إلى الإفطار في أثناء النهار فإنه يفطر بما يدفع المشقة ثم يمسك إلى الغروب ويفطر مع الناس ويقضي ذلك اليوم الذي أفطره" انتهى .
وينظر : سؤال رقم (65803) ، ورقم (132438) .
والله أعلم
تعليق