الحمد لله.
أولا :
التحصن بالرقى والأدعية والأذكار الشرعية من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد كان صلى الله عليه وسلم يكثر من الاستعاذة بالله من ( مِنْ الْبَرَصِ ، وَالْجُنُونِ ، وَالْجُذَامِ ، وَمِنْ سَيِّئْ الْأَسْقَامِ) رواه أبو داود (رقم/1554) وصححه النووي في " الأذكار " (483) والألباني في " صحيح أبي داود ".
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" سيئ الأسقام : وهو جمع سقم ، وهو المرض ، ويشمل هذا كل الأمراض السيئة ، ومنها ما عرف الآن بالسرطان نسأل الله العافية ، فإنه من أسوأ الأسقام ، فمثل هذه الأحاديث ينبغي للإنسان أن يحرص عليها ، وأن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم فيها " انتهى.
" شرح رياض الصالحين " (6/40)
وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم برفع الوباء عن المدينة ، واستدل بذلك العلماء على جواز الدعاء برفع الوباء أو دفعه .
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" استشكل بعض الناس الدعاء برفع الوباء ؛ لأنه يتضمن الدعاء برفع الموت ، والموت حتم مقضي ، فيكون ذلك عبثا .
وأجيب : بأن ذلك لا ينافي التعبد بالدعاء ؛ لأنه قد يكون من جملة الأسباب في طول العمر أو رفع المرض ، وقد تواترت الأحاديث بالاستعاذة من الجنون والجذام وسيء الأسقام ومنكرات الأخلاق والأهواء والأدواء ، فمن ينكر التداوي بالدعاء يلزمه أن ينكر التداوي بالعقاقير ، ولم يقل بذلك إلا شذوذ ، والأحاديث الصحيحة ترد عليهم .
وفي الالتجاء إلى الدعاء مزيد فائدة ليست في التداوي بغيره ، لما فيه من الخضوع والتذلل للرب سبحانه ، بل منع الدعاء من جنس ترك الأعمال الصالحة اتكالا على ما قدر ، فيلزم ترك العمل جملة ، ورد البلاء بالدعاء كرد السهم بالترس ، وليس من شرط الإيمان بالقدر أن لا يتترس من رمي السهم " انتهى.
" فتح الباري " (10/133)
ثانيا :
أما خصوص الدعاء الوارد في السؤال فلم نعثر عليه في كتب السنة والآثار ، وإنما ينقل نحوَه بعضُ فقهاء المالكية عن الشيخ أحمد زروق ، كما في " الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني " (2/266)
ولكن لما كانت كلمات هذا الدعاء كلمات شرعية ، ليس فيها ما يخالف الشريعة ، بل هي كلمات خير وتعظيم لله عز وجل ، جاز الدعاء به ، والتحصن بما جاء فيه ، بشرط ألا يعتقد الداعي وجود فضل وأجر لخصوص هذه الكلمات ، وبشرط ألا يعتاده الداعي بحيث يصبح كالعبادة التي تضاهي الشريعة ، ولو اعتنى الداعي بما وردت السنة في مثل ذلك ، فأحصاه ووعاه ، ودعا الله به : لكان خيرا له وأعظم بركة .
والله أعلم .
تعليق