السبت 22 جمادى الأولى 1446 - 23 نوفمبر 2024
العربية

حكم تدريس الشبكات لمن قد يستعملها في الحرام

142006

تاريخ النشر : 16-11-2009

المشاهدات : 8741

السؤال

أعمل مهندس شبكات ورغبت في الحصول على الماجستير لذا ذهبت للدراسة بالمملكة المتحدة ، لكن بعد أن ذهبت إلى هناك أدركت أن تكاليف الدراسة باهظة جدا، وأن من يسافر هناك يعمل حتى يكون قادرا على تحمل مصاريف الدراسة ومعيشته ، لكن من الأعمال التي تجدها بالكاد العمل في حانات أو محلات تبيع الكحول ، أو العمل في توزيع الجرائد التي تحتوي على عري أو إعلانات الكحول، ولقد وجدت عملا بعد مكثي في البيت لمدة 3 شهور، وترتبط وظيفتي بالعمل في تدريس الشبكات لغير المسلمين . ويدور سؤالي حول أن من يتلقى تعلميه على يدي اليوم قد يكون غدا في حانة يركب شبكة أو يعمل في مصرف. فلو عملوا هناك بعد تعليمي إياهم : فهل أنا آثم بذلك ؟ لكن لو قمت بالتعليم في مجتمع مسلم ، لكن عمل بعضهم في المصارف مما يجلب الذنب على هؤلاء أيضا ؟ ومما حيرني هو أن المرء قد لا يعمل في مصرف لكن سيعمل في شركة تتعامل مع شركات أخرى وقد ترسل إلى المصرف لإنجاز بعض المهام ، مثل تشغيل الشبكات هناك فهل هذا حرام ؟ أفتني في ضوء القرآن والسنة رجاء..

الجواب

الحمد لله.

لا حرج في تدريس " الشبكات " ولو كان لغير المسلمين ؛ لأن لها استخدامات متعددة ، ولا يغلب استخدامها في الحرام ، إلا إن علمتَ ـ أو غلب على ظنك ـ أن الطالب إنما يدرسها ليستعملها في الحرام ، أو كان هذا هو الحال الغالب على من يدرسون ذلك في هذه البلد : فلا يجوز تدريسه حينئذ ؛ لما في ذلك من نشر الفساد والإعانة على الإثم والمعصية . 

والقاعدة المرعية في هذا الباب أنه لا تجوز الإجارة على الفعل المحرم ، أو ما يؤدي إليه ؛ لأن الشريعة إذا حرمت شيئا سدت الطرق المفضية إليه .

قال تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/ 2 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله : " فكل معصية وظلم يجب على العبد كف نفسه عنه ، ثم إعانة غيره على تركه " انتهى من "تفسير السعدي" ( ص 218 ) .

قال الإمام الشوكاني رحمه الله :

" كل ما كان يتعلق به منفعة يحلها الشرع : فبيعه جائز ، وكل ما كان لا منفعة له أصلا ، أو كانت تلك المنفعة غير جائزة : فبيعه غير جائز ؛ لأن الوسيلة إلي الحرام حرام ، ولكن لا بد أن يكون النفع في ذلك الشيء لا يكون في حرام على كل حال .

أما لو كان مما يمكن أن يكون نفعه حلالا في حالة ، وحراما في حالة ، أو مما يستعمله هذا في حرام وهذا في حلال : فإن علم البائع أن ذلك المشتري لا يستعمله إلا في حرام ، لم يحل بيعه . وإن علم أنه يستعمله في حلال ، حل بيعه . وإن بقي الأمر ملتبسا مع إمكان استعماله في الحلال والحرام : جاز بيعه ؛ لأنه لم يوجد المانع من البيع ، ومجرد التردد مع عدم الترجيح لا اعتبار به ... " .

ثم قال ـ بعد ما ذكر الدليل على ما قرره ـ :

" فالحاصل : أنه إذا كان الغالب في الانتفاع بالمبيع هو المنفعة المحرمة : فلا يجوز بيعه ، وكانت هذه الغلبة توجب حصول الظن للبائع بأن المشتري ما أراد بشرائه لتلك العين إلا تلك المنفعة المحرمة . وأما إذا لم تكن ثم غلبة : فالأمر كما قدمنا .

ومن هذا : بيع العنب والتمر إلي من يغلب على الظن أنه يتخذه خمرا ، وبيع آلات الملاهي إلي من يلهو بها : فإن ذلك غير جائز ؛ لأن تلك المنفعة حرام ، وكل حرام يحرم بيعه"انتهى.

"السيل الجرار" (1/485-486) .

وينظر : سؤال رقم (105325) ورقم (125779) .

ومن تلقى هذا العلم على يدك ، وأنت تجهل ما سيستعمله فيه ، أو كان ظاهر حاله السلامة : ثم استعمله في شيء محرم ، كتركيب شبكة في حانة أو مصرف ربوي ، كان إثمه على نفسه ، ولا يلحقك من إثمه شيء .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب