الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

حكم النظر إلى المجلات الفاسدة وما فيها من صور للرد عليها

145968

تاريخ النشر : 14-02-2010

المشاهدات : 13489

السؤال

أريد أن أستفسر عن شاب يعمل في جريدة دينية فيها من نشر القيم ، والدين الصحيح في اتباع السلف ، وقد يخصصون بعض المقالات لكشف رذائل بعض المجلات العلمانية والجرائد ، وذلك تحذيرا للمسلمين كي لا ينجروا وراءها . وكذا دفاعا عن الدين ، حتى لا تجد مثل هذه المجلات العلمانية راحتها وحريتها في الإفساد ، لذا يضطر الشباب العاملون في الجريدة الدينية لشراء تلك الجرائد العلمانية . وقد كتبت بعض المقالات في بعض الأعداد عن صور نساء عاريات وممثلات غربيات نشرت صورهن في المجلات العلمانية ، يعني هم حتى يكشفوا أخطار العلمانية سيرون تلك الصورة الخادشة للحياء ، وصور الممثلات والراقصات الغربيات العاريات . فهل هذا يجوز لهم بذاك الدافع المذكور سابقا وليس بنية سيئة؟ أو ليس عليهم غض البصر مهما كان؟ ألا يمكن مثلا أن تشتري إحدى النساء من أقاربهم تلك المجلات وتغطي صور العاريات ، وبإمكان المحررين في الجريدة الدينية أن يكشفوا خرائب العلمانيين ويحاربوهم دون رؤيتهم لتلك الصور . أريد جوابا مفصلا وصريحا ، وما هو الحل الأمثل أعليهم ترك ذلك؟

الجواب

الحمد لله.

العمل في جريدة دينية على النحو الذي ذكرت عمل صالح نافع ؛ لما فيه من دلالة المسلمين على الخير ، وتحذيرهم من الشر ، وتصحيح المفاهيم ، ونشر القيم ، وتثبيت الإيمان ، ولا حرج على من يشتغل بالرد على المجلات العلمانية أن ينظر فيها ، ويقف على شرورها ليحذّر منها ، ويقتصر على القدر اللازم في ذلك دون تساهل أو استرسال ، وإن أمكنه أن يكتفي بشهادة امرأة ثقة تعمل في هذا المجال اكتفى بذلك لحصول المقصود ، والأصل أنه يُرتكب أهون الشرين لدفع أعلاهما ، مع أن المرأة - أيضا - لا يحل لها أن تنظر لصور النساء العاريات الساقطات ، لكن نظر الجنس إلى الجنس أخف ، ولهذا لا يدع الموظف المكلف بهذا العمل إحدى قريباته تنظر إلى هذه الصور ، ولا يُدخل عليها شيئا من هذا الشر .

والضابط في هذا الباب : أنه يباح ارتكاب مفسدة النظر لدفع مفسدة أعظم ، ويقتصر في ذلك على ما يحقق الغرض ، مع الحذر من اتباع خطوات الشيطان ، والرضا بالمنكر والاستمتاع به ، ومن قواعد الشريعة : "الضرر يزال" ، و "الضرر لا يزال بالضرر" .

ولا ينبغي أن يعمل في هذا المجال إلا من قوي دينه ، ولم يخش الفتنة على نفسه .

وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : هل تجوز مراقبة المجلات الفاسدة .. وأشرطة الفيديو لكشف زيفها وبطلانها والتحذير منها ؟
فأجاب : "نعم .. يجب أن يعتني بالأشرطة الفاسدة .. والأفلام التي يخشى منها ، وتجميع ما يخشى منه سواء في التلفاز أم في المجلات أم في الإذاعة والصحافة ، والفيديو ، وغير ذلك .
يجب أن يكون هناك من يشرف على هذه الأشياء ليمنع الشر ويسمح بالخير ولو بأجرة ، وأجرته حلال إذا كان المقصود أن يعرف الخير فيأذن فيه ، ومن فعله بأجر دنيوي مع الاحتساب فله أجر [يعني في الآخرة] وأجرة جميعاً" انتهى .

وسئل أيضا : قد يضطر رجل الإعلام المسلم لحضور بعض الحفلات أو المسرحيات فيجلس رغم وجود الموسيقى ورغم المشاهد المؤذية ، وذلك حتى يبين ضررها على المجتمع فهل يأثم في ذلك؟
فأجاب : "إذا كان المقصود المصلحة العامة وليس التمتع ، وأنه قصد من حضوره أن يحذر من الشر، فدخل في هذه المعمعة أو في هذا المجتمع الذي فيه ما يذم ليعرف شره ويبين عيوبه بقصد صالح فلا بأس، أما إن دخله لقصد التمتع أو الشر فلا . قال الله تعالى : (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) الأنعام/68 ، وقال صلى الله عليه وسلم : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها بالخمر) فجعل الله الذين يجلسون مع الخائضين ولم ينكروا عليهم مثلهم" انتهى نقلا عن "فتاوى إسلامية" (4/ 368).

ومن التساهل الممنوع : تناقل هذه المجلات الهابطة بين يدي الموظفين ، وترك الصور دون طمس ؛ إذ الواجب طمس هذه الصور أو سترها بلاصق ونحوه بعد اطلاع من يحتاج الاطلاع عليها ، حتى لا ينظر إليها من لا يسوغ له النظر .

والنصيحة لمن تجشم هذا الأمر أن يتقي الله تعالى ، وأن يحذر خائنة الأعين ، فإن الله تعالى لا تخفى عليه خافية (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) غافر/19 .

وعلى من عوفي من هذا ألا يسيء الظن بإخوانه ، وأن يحمل أمرهم على أحسن المحامل ؛ فمن تكلم على الصور العارية في مجلةٍ ما لا يلزم أن يكون قد نظر ودقق النظر ، فربما اعتمد على خبر غيره ، أو اكتفى بقراءة المقال بعد طمس ما فيه من صور ، إلى غير ذلك من التصرف الحسن الذي يليق بصاحب الدين والخلق .

ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب