الحمد لله.
الذي نفهمه من السؤال : أن الإنسان إذا كان عليه فوائت من الصلاة ، وقد تاب من تركها وتضييعها وهو الآن يحافظ على الصلاة ويصلي السنن الرواتب ، فهل الأفضل له أن ينوي قضاء شيء مما عليه بدلاً من السنن الرواتب أم لا ؟
فإن كان الأمر كذلك فالصحيح من أقوال أهل العلم أن من ترك صلاة حتى يخرج وقتها بلا عذر فلا يشرع له قضاؤها ، ولا تقبل منه ، لأن الله تعالى قد جعل لكل صلاة مفروضة وقتاً محددا ، قال الله تعالى : ( إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ) النساء/103 ، وأوجب أن يصلي المسلم الصلاة في هذا الوقت ، فإذا أضاعها ثم أراد أن يصليها بعد وقتها لم تقبل منه ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) رواه البخاري (2697) ، ومسلم (1718) واللفظ له .
وإذا تاب المسلم من تضييعه للصلاة ، فإن الله تعالى يتوب عليه ، وتوبته تكون بالندم على تقصيره وتفريطه ، وبالمحافظة على الصلاة ، والعزم على عدم العودة لتركها مرة أخرى .
فهذه التوبة تكفيه إن شاء الله تعالى ، ولا يلزمه قضاء ما ترك من الصلوات ، وكلما أكثر من النوافل (الرواتب وغيرها) فهو أفضل ، ويكون ذلك من تمام توبته .
وقد روى الترمذي (413) عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ .
فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ : انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنْ الْفَرِيضَةِ ، ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ) صححه الألباني في " صحيح الترمذي " ، وانظر جواب السؤال رقم : (21170) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" القاعدة : أن كل عبادة مؤقتة إذا تركها الإنسان حتى خرج وقتها بدون عذر فإنها لا تقبل منه ، مثال ذلك ترك الصلاة حتى يخرج وقتها ثم يقوم الإنسان كي يصلي لا تقبل منه ، كذلك ترك صيام يوم من رمضان عمدا بدون عذر ، ثم أراد أن يقضيه بعد ذلك نقول : لا يقبل منه " . انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين " (12/28) .
والله أعلم .
تعليق