الثلاثاء 25 جمادى الأولى 1446 - 26 نوفمبر 2024
العربية

حكم إعطاء هدية أو منفعة للمقرض عند سداد القرض

السؤال

لو أنني اقترضت بعض المال ولكنني قبل أن أرده لمن اقترضتهم منه سألني أن أشتري له شيئا وأنه سوف يدفع لي في وقت لاحق فهل يمكنني أن أقول له وقت دفعه المال لي أنه لا حاجة له بذلك حيث أنني أسقط ماله بمالي حتى وإن كان ما اقترضته منه أقل من الذي عليه دفعه لي؟

الجواب

الحمد لله.

القرض من عقود الإحسان والتبرع ، ولا يجوز اشتراط منفعة للمقرض أو التواطؤ على حصول منفعة له ، وقد أجمع العلماء على أن كل قرض جر نفعا فهو ربا .

وما سألت عنه يتضمن أمرين :

الأول : قيامك بالشراء له ، فإن كان هذا لا يكلّفك شيئا ، أو جرت العادة قبل الاقتراض أن تشتري له ، فلا حرج حينئذ ، وأما إن كان ذلك يقتضي كلفة ويستوجب عادة أجرة على القيام به ، ولم تجر العادة بينكما بفعل ذلك قبل الاقتراض منه ، فلا يجوز أن تفعله مجانا ؛ لأنه سيكون نفعا مترتبا على القرض وهو ربا كما سبق .

قال في زاد المستقنع : "وإن تبرع لمقرضه قبل وفائه بشيء لم تجر عادته به ، لم يجز ، إلا أن ينوي [أي المقرض] مكافأته [أي رد مثله] أو احتسابه من دَينْه" .

والثاني : أنك تريد أن تتبرع له بالمبلغ الزائد عن الدين الذي عليك ، فهذا التبرع لا حرج فيه إن كان غير مشترط في القرض ، ويدل عليه ما رواه البخاري (2393) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِنٌّ مِنْ الإِبِلِ فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَعْطُوهُ ، فَطَلَبُوا سِنَّهُ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ إِلا سِنًّا فَوْقَهَا ، فَقَالَ : (أَعْطُوهُ ، إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً) .

قال ابن قدامة رحمه الله : " فإن أقرضه مطلقا من غير شرط , فقضاه خيرا منه في القدر , أو الصفة , أو دونه , برضاهما , جاز ... ورخص في ذلك ابن عمر , وسعيد بن المسيب , والحسن , والنخعي , والشعبي , والزهري , ومكحول , وقتادة , ومالك , والشافعي , وإسحاق ...

ولأن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف بَكْرا , فرد خيرا منه . وقال : (خيركم أحسنكم قضاء) متفق عليه . وللبخاري : (أفضلكم أحسنكم قضاء) . ولأنه لم يجعل تلك الزيادة عوضا في القرض , ولا وسيلة إليه , ولا إلى استيفاء دينه , فحلت , كما لو لم يكن قرض ...

وإن كان الرجل معروفا بحسن القضاء , لم يكره إقراضه . وقال القاضي : فيه وجه آخر , أنه يكره ; لأنه يطمع في حسن عادته . وهذا غير صحيح ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان معروفا بحسن القضاء , فهل يسوغ لأحد أن يقول : إن إقراضه مكروه , ولأن المعروف بحسن القضاء خير الناس وأفضلهم , وهو أولى الناس بقضاء حاجته , وإجابة مسألته , وتفريج كربته , فلا يجوز أن يكون ذلك مكروها , وإنما يمنع من الزيادة المشروطة " انتهى من "المغني" (4/ 212).

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب