الحمد لله.
أولاً:
لم يُصب من أفتى بلبس البنطال الضيق لا للرجال ولا للنساء ؛ فالبنطال الضيق يصف العورة ، وهو فتنة للناظرين وخاصة إذا كان الذي يبلسه امرأة .
واللباس الضيق والشفاف والقصير إنما يجوز للمرأة أن تلبسه أمام زوجها ، وأمام أطفالها الصغار غير المميزين ، ولا يحل لها لبسه أمام نساء مثلها ، ولا أمام محارمها - ومن باب أولى أنها يحرم عليها لبسه أمام الرجال الأجانب - .
وقد تساهلت كثير من الأخوات في لباسهن أمام بعضهن بعضاً ، وخاصة في الأفراح والمناسبات ، ولا نرى هذا تقليداً لعالِم بل هو اتباع للهوى ؛ لأنها تعلم أنه ليس مع من أفتى بجواز لبس ذلك الضيق والقصير دليل من كتاب ولا من سنَّة ولا من قول عالِم معتبر .
وأما حدود ما يجوز أن تظهره المرأة أمام محارمها وأمام سائر النساء : فهو مواضع الوضوء أو مواضع وضع الزينة ، ويحرم إبداء ما عدا ذلك .
وقد سبق بيان هذه المسألة في كثير من الأجوبة بما يغني عن الإعادة هنا ، فانظري أجوبة الأسئلة :
( 34745 ) و ( 6569 ) و ( 82994 ) و ( 14302 ) و ( 12371 ) و ( 11014 ) .
ثانياً:
المجلس الذي فيه من تلبس الضيق أو القصير العاري : هو مجلس سوء ، ويجب إنكار ذلك المنكر على فاعلته ؛ تحقيقاً لحديث رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حيث قال : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ ) .
رواه مسلم ( 49 ) من حديث أبي سَعِيد الخُدْري .
فإن لم تستطيعي تغيير المنكر بيدك لأنه لا سلطة لك على أولئك النساء ، ولم يتغير المنكر بنصحك لهن بلسانك : فلم يبق إلا تغيير المنكر بالقلب ، وهذا يقتضي مفارقة المكان وعدم الجلوس فيه ، إلا أن تكوني مكرهة على ذلك من زوج أو ليس ثمة مجال لمفارقة المكان .
قال علماء اللجنة الدائمة :
" جاء في هذا الحديث مراتب تغيير المنكر ، وأنها ثلاث درجات : التغيير باليد للقادر عليه ، كالحكام ، والرجل مع ولده وزوجته ، فإن لم يتمكن المكلف من التغيير باليد : فبلسانه ، كالعلماء ومن في حكمهم ، وإذا لم يتمكن من التغيير باللسان : فينتقل إلى التغيير بالقلب ، والتغيير بالقلب يكون بكراهة فعل المنكر وكراهة المنكر نفسه ، والتغيير بالقلب من عمل القلب ، وعمل القلب إذا كان خالصاً صواباً يثاب عليه الشخص ، ومن تمام الإنكار بالقلب مغادرة المكان الذي فيه المنكر .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 12 / 333 ، 334 ) .
واعلمي أنه إن كنتِ ترين أن مثل أولئك الأخوات يمكن
لهن أن يتغيرن مع المدة ومع كثرة الحوار : فلا بأس من البقاء في تلك المجالس والصبر
على رؤية المنكر من أجل تحقيق تلك الغاية النبيلة وهي هدايتهن ، مع تقصير مدة
البقاء بينهنَّ ما أمكن .
قال علماء اللجنة الدائمة :
وإذا كانت المصلحة الشرعية في بقائه في الوسط الذي فشا فيه المنكر أرجح من المفسدة
، ولم يخش على نفسه الفتنة : بقي بين من يرتكبون المنكر ، مع إنكاره حسب درجته ،
وإلا هجرهم محافظة على دينه .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ،
الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 12 / 335 ) .
ويكون الأمر – حينئذٍ - قد انتقل من تغيير للمنكر إلى إنكار للمنكر ، وهو أمر واجب
ولو غلب على ظنك أنهن لا يستجبن ، إذ ليس عليك قبولهن للحق بل عليك البلاغ والبيان
.
قال النووي – رحمه الله - :
قال العلماء رضي الله عنهم : ولا يسقط عن المكلف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
لكونه لا يفيد في ظنه ، بل يجب عليه فعله ؛ فإن الذِّكرى تنفع المؤمنين ، وقد قدمنا
أن الذي عليه : الأمر والنهي لا القبول ، وكما قال الله عز وجل ( مَا عَلَى
الرَّسُولِ إِلاَّ البَلاَغُ ) .
" شرح مسلم " ( 2 / 23 ) .
واستعيني عليهن بربك تعالى بالدعاء أن يهديهن للحق ،
وتلطفي في الإنكار عليهن ، وتسلحي بالحجج القوية والفتاوى العلمية لإيقافهن على خطأ
فعلهن ، فلعلَّ الله أن يصلحهن ويهديهن .
واحذري من اصطحاب بناتك لتلك المجالس ، وإن اضطررت لذلك يوماً فلا بدَّ من
إخبارهنَّ بمخالفة أولئك النساء للشرع بلباسهن وأنهن لسن قدوة حتى يُفعل كفعلهن .
والله أعلم
تعليق