الحمد لله.
قد حدد الله تعالى المصارف التي توضع فيها زكاة الفريضة ، ولم يدعها لاجتهاد المزكي أو اختياره ، فقال تعالى : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة/60 .
وينظر في تفصيل الأصناف الثمانية المذكورة في الآية ، جواب السؤال رقم (46209)
والحيوانات ـ بصفة عامة ـ ليست مصرفا من مصارف الزكاة التي عينها الله لعباده ، سواء كان ذلك لإطعامها ، أو مداواتها ، أو غير ذلك من شأنها .
على أن ذلك المنع إنما هو في الزكاة الواجبة ، فلا يجوز صرف شيء منها في شأن الحيوانات ، وأما إطعام الحيوانات ، أو مداواتها والرفق بها ، فهو داخل في صدقة التطوع .
عَنْ جَابِرٍ رضي الله ععنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا إِلَّا كَانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةً ، وَمَا سُرِقَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةٌ ، وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ مِنْهُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ ، وَمَا أَكَلَتْ الطَّيْرُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ ، وَلَا يَرْزَؤُهُ أَحَدٌ إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةٌ ) .
رواه مسلم (1552) ، وللبخاري نحوه (2220) من حديث أنس .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ ، فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ ، فَقَالَ الرَّجُلُ لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنْ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي ، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ مَاءً ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ !! )
قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَإِنَّ لَنَا فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ لَأَجْرًا ؟!
فَقَالَ : ( فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ ) .
رواه البخاري (2363) ومسلم (2244) .
ولا شك أن مثل ذلك العمل إذا جاء في حينه ووقته فهو محمود ، لكن ليس من الشرع ، ولا من الحكمة والعقل في شيء ، أن يشغل المرء نفسه بالبحث عن ذلك ، وإنشاء جمعيات للعناية به ، ومن البشر ، بل من إخوانه المسلمين من يموت جوعا ، وعريا ، ومرضا ، ولا يجد المال الذي يسد به جوعته ، أو يداوي مرضه ، أو يؤيه إلى سقف بيت ؛ فالواجب على المسلم أن يجتهد في سد حاجة إخوانه ، ولو بعدوا عنه ، ولو كانوا في بلد آخر ، إذا كان يمكنه الوصول بنفسه أو ماله إليهم ، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه .
والله أعلم .
تعليق