الحمد لله.
أولاً :
صلاة أصدقائك ثمان ركعات ، ثم صلاة الإمام الراتب الوتر ثلاث ركعات ، يجعل صلاتهما صلاة واحدة ، فمن أراد أن ينال ثواب قيام ليلة ، الذي وعد به النبي صلى الله عليه وسلم من قام مع الإمام حتى ينصرف ، فلا بد أن يصلي مع الإمام الراتب صلاة الوتر .
قال الشيخ العثيمين – رحمه الله - :
"هل الإمامان في مسجد واحد يعتبر كل واحد منهم مستقلاًّ ، أو أن كل واحد منهما نائب عن الثاني ؟ .
الذي يظهر الاحتمال الثاني ، أن كل واحد منهما نائب عن الثاني مكمل له ، وعلى هذا : فإن كان المسجد يصلِّي فيه إمامان : فإن هذين الإمامين يعتبران بمنزلة إمام واحد ، فيبقى الإنسان حتى ينصرف الإمام الثاني ، لأننا نعلم أن الثانية مكملة لصلاة الأول" انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 14 / 207 ) .
وعلى هذا؛ فانصراف هؤلاء الأئمة (أصدقائك) عند صلاة الإمام الوتر يحرمهم من ثواب قيام ليلة .
ثانياً :
رجوع أصدقائك ليصلوا بالناس أكثر مما صلاه الإمام ، سواء مباشرة أو بعد حين : لا يحرِم مَن انصرف مع الإمام مِن أجر قيام ليلة ؛ لأن صلاة الإمام بالناس قد انتهت بوتره .
فمن رجع للمسجد ليزيد عليها فلا تكون صلاته تلك تكملة للصلاة الأولى ، بل هي صلاة مستقلة ، ولا تعتبر جزء من صلاة الإمام .
وينظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم ( 93907 ) .
ثالثاً :
من أراد من المصلين أن ينال ثواب قيام ليلة ، ثم يصلي مع هؤلاء بعد انتهاء الإمام من صلاة الوتر ، فإنه يصلي مع الإمام صلاة الوتر ، ثم يصلي بعد ذلك ما يشاء ولا يوتر مرة أخرى ، أو يصلي مع الإمام صلاة الوتر فإذا سلم الإمام قام هو وزاد ركعة ، ثم يوتر مع هؤلاء آخر الليل ، فكلا الأمرين جائز .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
"إذا صليت مع الإمام صلاة التراويح : فالأفضل أن توتر معه ؛ لتحصل على الأجر الكامل ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم ( مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَة ) رواه أبو داود والترمذي .
وإذا قمت من آخر الليل وأردت أن تصلِّي : فصل ما تيسر بدون وتر ؛ لأنه لا وتران في ليلة كما سبق" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة " المجموعة الثانية ( 6 / 54 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
"قوله : " فإن تبع إمامه شفعه بركعة " يعني : إذا تابع المتهجِّدُ إمامَه فصلَّى معه الوتر : أتمّه شفعاً ، فأضاف إليه ركعة ، وهذا هو الطريق الآخر للمتهجِّد ؛ فيتابعُ إمامَهُ في الوِتر ويشفعه بركعة ؛ لتكون آخر صلاته بالليل وِتراً .
فإذاً : يتابع الإمام ، فإذا سَلَّم الإمام من الوتر : قام فأتى بركعة وسَلَّم ، فيكون صَلَّى ركعتين ، أي : لم يُوتر ، فإذا تهجَّد في آخر الليل : أوتر بعد التهجُّد ، فيحصُل له في هذا العمل متابعة الإمام حتى ينصرف ، ويحصُل له - أيضاً - أن يجعل آخر صلاته بالليل وِتراً ، وهذا عمل طيب .
.... .
فإنْ قال قائل : ألا يخالفُ هذا قوله صلّى الله عليه وسلّم : (مَنْ قامَ مع الإمامِ حتى ينصرفَ كُتبَ له قيامُ ليلةٍ) .
قلنا : لا يخالفه ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لم يقل : مَنْ قامَ مع الإمام فانصرفَ معه كُتب له قيامُ ليلةٍ ، بل جَعل غاية القيام حتى ينصرفَ الإمامُ ، ومَنْ زاد على إمامه بعد سلامِهِ فقد قامَ معه حتى انصرفَ" انتهى .
" الشرح الممتع على زاد المستقنع " ( 4 / 65 ، 66 ) .
وقال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله - :
"ولو أن الإنسان صلى التراويح وأوتر مع الإمام ، ثم قام من الليل وتهجد : لا مانع من ذلك ، ولا يعيد الوتر ، بل يكفيه الوتر الذي أوتره مع الإمام ، ويتهجد مع الإمام ما يسر الله له ، وإن أخَّر الوتر إلى آخر صلاة الليل : لا مانع ، ولكن تفوته متابعة الإمام ، والأفضل أن يتابع الإمام ، وأن يوترا معًا ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَة) – رواه الترمذي (806) وأبو داود (1375) والنسائي (1605) وابن ماجه (1327) - ، فيتابع الإمام ويوتر معه ، ولا يمنع هذا أن يقوم من آخر الليل فيتهجد" انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ صالح الفوزان" (1/435) .
والله أعلم
تعليق