الحمد لله.
روى أبو داود (3772) – واللفظ له - والترمذي (1805) وابن ماجة (3277) وأحمد (3204) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلَا يَأْكُلْ مِنْ أَعْلَى الصَّحْفَةِ وَلَكِنْ لِيَأْكُلْ مِنْ أَسْفَلِهَا فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ مِنْ أَعْلَاهَا )
ولفظ ابن ماجة : ( إِذَا وُضِعَ الطَّعَامُ فَخُذُوا مِنْ حَافَتِهِ وَذَرُوا وَسَطَهُ فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ فِي وَسَطِهِ ) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" وغيره .
وروى ابن ماجة (3276) عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه قَالَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْسِ الثَّرِيدِ فَقَالَ : ( كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ مِنْ حَوَالَيْهَا وَاعْفُوا رَأْسَهَا ؛ فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَأْتِيهَا مِنْ فَوْقِهَا ) صححه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .
ورواه الطبراني في "المعجم الكبير" (208) عن واثلة ولفظه : ( خذوا بسم الله خذوا من حواليها ولا تأخذوا من أعلاها ؛ فإن البركة تنحدر من أعلاها )
ورواه ابن عساكر في "تاريخه" (35/347) ولفظه : ( خذوا بسم الله من حواليها واعفوا رأسها ؛ فإن البركة تأتيها من فوقها ، وإنها تمدّ )
فتبين بهذه الروايات أن البركة التي هي من عند الله ،
تنزل على رأس الطعام وأعاليه ، ثم تنحدر إلى جوانبه ، فأرشد النبي صلى الله عليه
وسلم المسلمين إلى المحافظة عليها بأن يأكلوا من جوانب القصعة ، حيث تنزل البركة
إلى تلك الجوانب ، فيأخذ كل واحد نصيبه منها .
ونهى صلى الله عليه وسلم أن يأكلوا من رأسها وأعلاها ؛ لأنهم متى فعلوا ذلك ذهبت
البركة من الطعام ، وربما لم يصب أحدهم منها شيئا ؛ لأن أعلاها فيه البركة ، ومتى
ذهب بعضهم بأعلاها ذهبت البركة ، ولم يبق شيء ينحدر منها من أعلاها إلى جوانبها ،
وفي هذا من سوء الأدب وسوء العشرة والشره والحرص وعدم القناعة ما يجعل الناس
يشمئزون وينفرون من الطعام ومن مجلسه ، وبذلك تذهب البركة أو تقل .
قال الصنعاني رحمه الله :
" دل على النهي عن الأكل من وسط القصعة ، وعلله بأنه تنزل البركة في وسطها ، وكأنه
إذا أكل منه لم تنزل البركة على الطعام ".انتهى من"سبل السلام" (3 /160)
وقال الحافظ العراقي رحمه الله : " وجه النهي عن الأكل من الوسط أن وجه الطعام
أفضله وأطيبه ، فإذا قصده بالأكل استأثر به على رفقته ، وهو ترك أدب وسوء عشرة .
والمراد بالبركة هنا الإمداد من الله " . انتهى من"فيض القدير" (5 /58)
راجع لمعرفة آداب الطعام جواب السؤال رقم : (13348)
والله تعالى أعلم .
تعليق