الحمد لله.
أولا :
جاءت الأدلة الصحيحة الصريحة تدل على أن أطفال المسلمين من أهل الجنة ، ولا يدخلون النار أبدا ، ولعل أصرح هذه الأدلة ما جاء عن أبي حسان قال :
( قلتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ : إنَّه قَدْ مَاتَ لِي ابنانِ ، فَمَا أَنْتَ مُحَدِّثِي عَنْ رَسُولِ اللهِ بِحَدِيْثٍ تُطَيِّبُ بِهِ أَنْفُسَنَا عَنْ مَوْتَانَا ؟ قالَ : نَعَمْ ، صِغَارُهُم دَعَامِيْصُ الجَنَّةِ ، يَتَلَقَّى أَحَدُهُم أَبَاهُ - أَوْ قَالَ أَبَوَيْهِ - فَيَأْخُذُ بِثَوْبِهِ ، - أَوْ قَالَ بِيَدِهِ - كَمَا آخُذُ أَنَا بِصَنَفَةِ ثَوْبِكَ هذا ، فَلَا يَتَنَاهَى حتى يُدخِلَه اللهُ وَأَبَاهُ الجَنَّةَ ) رواه مسلم (2635) .
وقد نقل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله إجماع من يعتد بقولهم من أهل العلم ، فقال رحمه الله: " ليس فيهم اختلاف أنهم في الجنة " انتهى من "المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد في العقيدة " (1/170) .
ونقل الإجماع أيضا آخرون كثيرون من أهل العلم ، يمكن مراجعة أقوالهم في موقعنا في الأجوبة الآتية : (6496) ، (117432) .
ثانيا :
وإذا دخل أفراد الأسرة الجنة فلا شك أنهم يتلاقون ويتعارفون ويتنعمون بحياة حقيقية
في جنة الخلد عند ربهم الرحمن جل وعلا .
ولكن العلماء اختلفوا في أعمار الأطفال الذين يدخلون الجنة ، هل يمكثون فيها صغارا
أطفالا ، أم يزيد الله في أعمارهم إلى سن ثلاثة وثلاثين كما ورد في بعض الأحاديث .
سبق في موقعنا الكلام على هذه المسألة ، وترجيح القول بأنهم يبقون فيها صغارا ،
وذلك في الجواب رقم : (117432)
.
ثم إن الله عز وجل يرفع
درجات الآباء والأبناء ليكونوا في منزلة واحدة في الجنة ، ويستأنفون سعادتهم
الأسرية بعد أن قطعتها أهوال الموت والحشر والحساب .
يقول الله عز وجل : ( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ
آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ
عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ) الرعد/23.
ويقول سبحانه وتعالى : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ
بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ
مِنْ شَيْءٍ ) الطور/21.
ويقول سبحانه في حكاية دعاء الملائكة للمسلمين : ( رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ
جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ
وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) غافر/8.
وانظري جواب السؤال رقم : (5981)
.
ولا شك أن الطريق إلى اجتماع
الأسرة في الجنة ، ولم شملهم في رحمة الله تعالى إنما يكون بالاستقامة على الدين
العظيم ، والأخلاق الفاضلة ، والثبات على الإيمان الذي هو سبب السعادة في الدنيا
والآخرة ، وإذا ما قضى أحد أفراد الأسرة أجله ، فالواجب على الآخرين الصبر والرضا
بالقضاء ، واحتساب الأجر عند الله عز وجل ، فذلك طريق اللقاء من جديد في مقعد صدق
عند مليك مقتدر .
عن أبي موسى الأشعريِّ رضيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم قال
:
( إِذَا ماتَ ولدُ العَبْدِ قالَ اللهُ لمَلَائِكَتِهِ : قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي
؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ . فَيَقُولُ : قَبَضْتُم ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ ؟
فَيَقُولُونَ : نَعَمْ . فَيَقُولُ : مَاْذَا قالَ عَبْدِيْ ؟ فَيَقُولُونَ :
حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ . فَيَقُولُ اللّهُ : ابْنُوا لِعَبْدِيْ بَيْتًا فِيْ
الجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بيتَ الحَمْدِ ) رواه الترمذي (1021) وقال: حديث حسن غريب .
يقولُ النوويُّ رحمهُ الله :
" موتُ الواحدِ من الأولادِ حجابٌ منَ النار ، وكذا السقطُ " انتهى من " المجموع "
(5/287) .
وانظري جواب السؤال رقم : (49812)
.
وإذا دخل الوالدان ، أو
أحدهما النار فلن يخلد فيها ما دام من المسلمين ، فإذا خرج منها التقى بذريته فيها
، إن شاء الله .
نسأل الله تعالى أن لا يحرمنا جنته .
والله أعلم .
تعليق