الحمد لله.
أولاً:
لا شك أن ما عليه أمك الآن من حال مخالف للشرائع وللفطر السوية ، وهو غاية في القبح والشناعة ، ولم يقتصر الأمر على مجرد فعل السحاق ، بل تعداه إلى المجاهرة بالفاحشة والرضا باستمرار الحياة مع تلك الشريكة لها في فحشها ، ومما لا شك فيه أن ذنب الكفر أعظم فكيف إذا انضاف معه مثل تلك الفاحشة المبينة ؟! .
ثانياً:
مع كون حال والدتك هو ما ذكرتَه ، فإن هذا لا يمنعك من برِّها بل هو واجب عليك ،
ومن أعظم البر بها مداومة نصحها لإنقاذها من الكفر وفعل الفحشاء ؛ فكون الوالدين
كفاراً أو فسَّاقاً لا يمنع برهما في شرع الله تعالى .
وفي " الموسوعة الفقهية " ( 6 / 258 ) : " ومن الواجب على المسلم بر الوالدين وإن
كانا فاسقين أو كافرين ، ويجب طاعتهما في غير معصية الله تعالى ، فإن كانا كافرين
فليصاحبهما في الدنيا معروفا ، ولا يطعهما في كفر ولا في معصية الله تعالى ، قال
سبحانه وتعالى ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) الإسراء/ 23 ، وقال تعالى ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ
عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا
وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ) لقمان/ 15 ، وهي أولى من الأب بالبر
لقوله تعالى ( وَوَصَّيْنَا الإِْنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ
أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ) لقمان/ 14 ؛ ولأن
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَال : " يَا
رَسُول اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ قَال : ( أُمُّكَ ) ، قَال :
ثُمَّ مَنْ ؟ قَال ( أُمُّكَ ) ، قَال : ثُمَّ مَنْ ؟ قَال ( أُمُّكَ ) ، قَال :
ثُمَّ مَنْ ؟ قَال ( أَبُوكَ " ) - رواه البخاري - ، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَال : سَأَلْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: أَيُّ الْعَمَل أَفْضَل ؟ قَال ( الصَّلاَةُ على وَقْتِهَا وَبِرُّ
الْوَالِدَيْنِ ) – رواه البخاري - . انتهى .
ثالثاً:
ليُعلم أن برَّك الواجب بأمك لا يلزم منه أنك تسمح لها بدخول بيتك على الحال الذي
تريده هي كأن تصحب معها شريكتها ، كما لا يجوز – مثلاً – أن يسمح الابن لأبيه
باصطحاب شريكته المومس معه عند زيارته ؛ لما يترتب على تلك الحالات من مفاسد عظيمة
وخاصة من جهة الأمان على أولاد الابن ، ومن جهة العناية بتربيتهم تربية إسلامية .
وهناك مجالات متعددة لبرِّك
بأمك كالاتصال للسؤال عنها ، وتأليف قلبها بإرسال هدايا ، ولا بأس من أن تزورها أنت
وحدك ، لنصحها وتذكيرها ودعوتها هي وتلك الشريكة ، لكن لا تصحب أولادك معك لزيارتها
إلا إذا كنت تعلم أن شريكتها ليست موجودة معها ، كما لا تسمح لها أن تزورك مع
شريكتها ، ولا تلتفت لما قد يلقيه الشيطان في قلبك أن هذا ليس من البر وأنك قد أسأت
في التعامل معها .
وإذا رأيتَ أن هجرك لوالدتك قد يؤثِّر فيها من جهة مراجعة نفسها فيما تفعل واحتمال
هدايتها فلا بأس بهجرها بل قد يتعين عليك هذا العلاج ، وإذا رأيت أنه غير نافع فيها
بل قد يؤدي إلى آثار سلبية فابق على ما ذكرناه لك من عدم اصطحاب أطفالك معك عند
زيارتها ، ومن عدم السماح لشريكتها بأن تكون معها في زيارتها لكم .
ونوصيك بالاستمرار على نصحها
مع عدم اليأس وعدم الترك ، وأن تتلطف في دعوتها فها هو إبراهيم عليه السلام يتلطف
مع والده غاية التلطف وأبوه صانع للأصنام عابد لها مدافع عنها هاجر لابنه من أجلها
بل قد رضي لابنه أن يحرق في النار بسببها ، ونوصيك بالإكثار من الدعاء لها ، فعسى
الله أن يفتح على قلبها فتصير من المسلمين ، والله يحفظك ويرعاك ونسأل الله أن يعجل
هدايتها .
وانظر – للأهمية – جواب السؤال رقم (
136489 ) .
والله أعلم
تعليق