الحمد لله.
نشكر لك حرصك على الدعوة والعمل على نشر الفضيلة ، ولكن يجب أن تعلم أن العمل للدعوة لابد أن يكون على منهج الحق موافقا للشرع ، والعمل المشروع لا بد أن يكون بوسيلة مشروعة ، ولا نقول في ديننا كما يشيع بين كثير من الناس أن الغاية تبرر الوسيلة ، ولكنا نقول أن الغاية لا بد أن تكون مشروعة والوسيلة كذلك .
وقولك "تعرفت على فتاة وكان حديثنا لا يخرج عن إطار الشرع " : قد كان هذا هو بداية الخطأ في طريقكما ، فإن الشرع ينهاك عن التعرف على الفتيات الأجنبيات والتحادث معهن ؛ لأن ذلك طريق الفتنة ، ولكل ساقطة لاقطة ، وكم جر ذلك على الناس من ويلات ، وكم فتح عليهم من أبواب الشرور ، واسأل نفسك عما صار إليه أمركما ، واسأل كل من مر بتجربة من ذلك ، واقرأ عن المآسي التي سببها مثل هذا التساهل .
روى البخاري (5096) ومسلم (2740) عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ ) .
وروى أبو نعيم في "الحلية" (4/84)عن ميمون بن مهران قال : " ثلاث لا تبلون نفسك بهن : لا تدخل على السلطان وإن قلت آمره بطاعة الله ، ولا تدخل على امرأة وإن قلت أعلمها كتاب الله ، ولا تصغين بسمعك لذي هوى فإنك لا تدري ما يعلق بقلبك منه " .
فالواجب عليك قطع الاتصال بهذه الفتاة تماما ، وإخبارها أنه لا سبيل إلى عودة الاتصال بينكما ، إلا السبيل الشرعي ؛ فإن كنتما جادان فيه ، قادران عليه : فليكن من الآن إذا ، وإلا ، فليذهب كل منكما إلى حال سبيله ؛ فإذا قدر أن ظروفك سمحت بالإقدام على أمر الزواج بجد ، وواقعية ، ووجدت الفتاة أمامك لم تتزوج ولم تخطب ، فلا حرج عليك في خطبتها ، وأما الآن ، حيث لا قدرة ، ولا أمل في إتمام ذلك ، فليس من العقل ولا من الحكمة أن نجري خلف الأوهام والأحلام ، ونفتح على أنفسنا أبواب المفاسد والشرور .
وأما بالنسبة لضبط الشهوة فعليك وعليها بالصيام ، لما روى البخاري (1905) ومسلم (1400) عن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( يَا معْشَر الشّبَاب مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ )
قال الحافظ رحمه الله :
" وَفِي الْحَدِيث إِرْشَاد الْعَاجِز عَنْ مُؤَن النِّكَاح إِلَى الصَّوْم " انتهى .
وليعلم أن الشهوة عارض متى انشغلت به وفكرت فيه ، طال بلاؤك به وعظم خطره عليك – أو عليها – ومتى انشغلت عنه ولم تسترسل معه ، انصرف عنك ، وزال عنك شره ، أو خف أمره .
ومع الاستعانة بالله والتضرع إليه وسؤاله العصمة من الزلل والبعد عن الشبهات والريب نستطيع بحول الله وقوته عبور هذه الأزمة وتجاوز هذه المحنة .
راجع للفائدة إجابة السؤال رقم : (50737)
والله أعلم .
تعليق