الحمد لله.
أولا :
يصح الخلع بالتنازل عن المهر كله أو بعضه ، أو بالتعويّض بأكثر منه .
يراجع جواب السؤال رقم : (26247) .
ثانيا :
إذا حصل فراق بين الزوجين بطلاق أو خلع أو فسخ ، فالأم أولى بحضانة أولادها الصغار من الأب ، ما لم تتزوج ، فإن تزوجت سقط حقها في الحضانة .
يراجع جواب السؤال رقم : (127610) .
ثالثا :
اختلف العلماء في الحضانة : هل هي حق للحاضن أو المحضون ؟ على قولين .
قال ابن القيم رحمه الله :
" اختلف الفقهاءُ : هل هي للحاضن أم عليه ؟ على قولين في مذهب أحمد ومالك، وينبني
عليهما : هل لمن له الحَضانة أن يُسقِطَها فينزل عنها ؟ على قولين ...
والصحيحُ أن الحضانة حق لها ، وعليها ؛ إذا احتاج الطفل إليها ولم يُوجد غيرُها ،
وإن اتفقت هي وولي الطفل على نقلها إليه : جاز " انتهى من "زاد المعاد" (5/451-452)
.
وجاء في "الموسوعة الفقهية"
(4/250) :
" يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ
وَالْحَنَابِلَةِ ، وَهُوَ أَيْضًا قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ خِلاَفُ الْمَشْهُورِ
عِنْدَهُمْ - أَنَّ لِلْحَاضِنِ أَنْ يَسْقُطَ حَقُّهُ بِإِسْقَاطِهِ ، وَيَنْتَقِل
الْحَقُّ إِلَى مَنْ بَعْدَهُ ، وَلاَ يُجْبَرُ عَلَى الْحَضَانَةِ إِلاَّ إِذَا
تَعَيَّنَ وَلَمْ يُوجَدْ حَاضِنٌ غَيْرُهُ ، ثُمَّ إِنْ عَادَ الْحَاضِنُ فَطَلَبَ
الْحَضَانَةَ عَادَ الْحَقُّ إِلَيْهِ " انتهى .
وقال ابن عثيمين رحمه الله : " والحضانة هنا حق للحاضن لا حق عليه ، وعلى هذا فإذا
أراد أن يتخلى عنها لمن دونه جاز له ذلك " انتهى من "الشرح الممتع" (13 /536) .
وعلى ذلك : فيجوز للأب أن
يتنازل للأم عن حقه في الحضانة ، ولو بعوض .
قال الشيخ محمد عليش المالكي رحمه الله :
" إذَا أَسْقَطَتْ الْحَضَانَةَ بَعْدَ وُجُوبِهَا ، فَذَلِكَ لَازِمٌ لَهَا ،
وَسَوَاءٌ أَسْقَطَتْ ذَلِكَ بِعِوَضٍ , أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ " انتهى من "فتح
العلي المالك" (1/279) ، وينظر : (1/326) منه .
وهو ظاهر اختيار شيخ الإسلام
رحمه الله حيث يقول :
" وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي جَوَازُ أَخْذِ الْعِوَضِ عَنْ سَائِرِ حُقُوقِهَا
، مِنْ الْقَسْمِ وَغَيْرِهِ " انتهى من
"الفتاوى الكبرى" (5 /483) .
وسئل شيخ الإسلام عَنْ
رَجُلٍ قَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ : طَلِّقْنِي وَأَنَا أَبْرَأَتْك مِنْ جَمِيعِ
حُقُوقِي عَلَيْك ؛ وَآخُذُ الْبِنْتَ بِكِفَايَتِهَا ؟
فَأَجَابَ : " إذَا خَالَعَهَا عَلَى أَنْ تُبْرِئَهُ مِنْ حُقُوقِهَا ، وَتَأْخُذَ
الْوَلَدَ بِكَفَالَتِهِ وَلَا تُطَالِبَهُ بِنَفَقَةِ : صَحَّ ذَلِكَ عِنْدَ
جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (32 /353) .
رابعا :
لا بد مع ذلك من مراعاة مصلحة المحضون وحقه في الحضانة ، فإذا تنازل الأب مثلا عن
حقه في الحضانة للأم المتزوجة ، وكان في ذلك ضياع لحق المحضون وإهمال رعايته
وتربيته وذهاب مصالحه : انتُزِع منها ، وانتقلت الحضانة لمن هو أولى بالطفل ورعايته
وتربيته من أمه.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (17/301) :
" لِكُلٍّ مِنَ الْحَاضِنِ وَالْمَحْضُونِ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ ، فَهِيَ حَقُّ
الْحَاضِنِ ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوِ امْتَنَعَ عَنِ الْحَضَانَةِ لاَ يُجْبَرُ
عَلَيْهَا ، لأِنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ ، وَلَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِيهَا
سَقَطَ ، وَإِذَا أَرَادَ الْعَوْدَ وَكَانَ أَهْلاً لَهَا : عَادَ إِلَيْهِ
حَقُّهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ ، لأِنَّهُ حَقٌّ يَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ الزَّمَانِ
.
وَهِيَ حَقُّ الْمَحْضُونِ ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْبَل الْمَحْضُونُ
غَيْرَ أُمِّهِ ، أَوْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لِلأْبِ وَلاَ
لِلصَّغِيرِ مَالٌ : تَعَيَّنَتِ الأْمُّ لِلْحَضَّانَةِ ، وَتُجْبَرُ عَلَيْهَا "
انتهى .
وقال الشيخ محمد بن صالح
العثيمين رحمه الله :
" واعلم أن هذه المسائل يجب فيها مراعاة المحضون قبل كل شيء ، فإذا كان لو ذهب مع
أحدهما ، أو بقي مع أحدهما : كان عليه ضرر في دينه ، أو دنياه : فإنه لا يُقرُّ في
يد من لا يصونه ، ولا يُصلحه ؛ لأن الغرض الأساسي من الحضانة هو حماية الطفل عما
يضره ، والقيام بمصالحه " انتهى من "الشرح الممتع" (13/545) .
فعلى ما تقدم :
يجوز للزوجين أن يتخالعا على ما بدا لهما ، وأن يبقى الأولاد في حضانة أمهم ، ولو
تزوجت ، بشرط أن يكون في بقائهم معها مصلحة لهم ، وأن لا يخل زواجها الثاني
بحضانتها لأولادها ، فإن أخل ذلك بمصلحتهم ، انتقلت الحضانة لمن هو أولى بعناية
الأولاد وتربيتهم من الأم .
يراجع لمزيد الفائدة جواب
السؤال رقم : (9463)
، (20705) .
والله تعالى أعلم .
تعليق