الحمد لله.
أولا :
هذه الكتب في حكم الموقوفة على المكتبة ، فلا يجوز أخذ كتاب منها إلا بإذن أمين المكتبة ، وعلى وجه الاستعارة ، فإذا انقضت مدة الاستعارة المسموح بها ، وجب رد الكتاب إلى المكتبة .
وما وُجد فيها من كتب شرعية أو رسائل جامعية نافعة : قد أهملت فتعرضت للضياع أو التلف ، فالمتعين تعاون أهل الخير والصلاح – وخاصة طلبة العلم - قدر الإمكان - على إصلاح ما فسد منها ، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه منها ، وإعادة ترتيبها وتنظيمها وتجليدها ، فإن هذا من العمل الصالح الذي يستمر أجره لصاحبه ما انتُفع بهذه الكتب ، كما أنه من التعاون على البر والتقوى ، وإذا كان الناس اليوم يهملونها ولا ينتفعون بها فعسى أن يأتي الله من بعدهم بقوم ينتفعون بها ويقدرونها قدرها .
ولا يجوز لمجرد ما ذكر من الإهمال والتعرض للضياع والتلف ، أخذ كتب منها واقتناؤها إلا على سبيل العارية ، كما سبق .
كما لا يجوز أخذ نسخة من نسخ الكتاب الواحد ، وخاصة إذا كان من الكتب المهمة ؛ فإن من شأن المكتبات الحرص على توافر أكثر من نسخة ؛ لأن ذلك أحفظ للكتاب من الضياع ، فلو ضاعت نسخة أو تلفت أمكن الاستعاضة عنها بالنسخ الأخرى . كما أنه يمكن بتوافر أكثر من نسخة تمكّن غير واحد من استعارة الكتاب في وقت واحد ، وخاصة إذا كان من الكتب التي يقبل عليها طلبة العلم كثيرا ويحتاجونها في بحوثهم وأعمالهم .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز
رحمه الله :
في سنوات دراستي الماضية كان لدينا في مدرستنا مكتبة تضم عددا من الكتب والمجلات ,
وكانت لا تلقى أي اهتمام من الطالبات , وقد كنت أحب القراءة واقتناء الكتب ,
وأعجبني بعض الكتب الدينية التي كانت فيها ، وكذلك الكتب الطبية والقصصية , وهي
حوالي أربعة كتب , وقد أخذتها من مكتبة المدرسة حتى أقرأها وأعيدها , وفي زحمة
الدراسة نسيت أن أعيدها إلى المكتبة , وبعد أن تخرجت من المدرسة بحوالي ثلاث سنوات
قالت لي إحدى الأخوات : إن أخذ هذه الكتب وعدم إرجاعها حرام ومحاسبون عليه يوم
القيامة , مع العلم أنني عندما أخذتها لم أكن أعلم بحكم أخذها , وكذلك لم يكن
للمكتبة أي اهتمام من المدرسات أو الطالبات , وأنا قد استفدت منها وخاصة الدينية ,
ولا أود أن أعيدها ؛ لأن فيها أحكاما أفادتني . فما الحكم في ذلك جزاكم الله خيرا ؟
فأجاب : " الواجب عليك ردها إلى المكتبة ؛ لأنها في حكم الوقف على المكتبة , ولا
يجوز لأحد أن يأخذ من المكتبات العامة ولا من المكتبات المدرسية شيئا إلا بإذن
المسئول عنها على وجه العارية لمدة محدودة , وعليك مع ذلك التوبة إلى الله مما فعلت
" .
انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (5 /353)
ثانيا :
إذا كانت المكتبة مهملة في هذا المكان إهمالا يُخشى معه على الكتب التي بها ، وجب
نقلها إلى مكان آخر ، ليكون أحفظ لها ، وأدوم لمنفعتها .
وهكذا الحال إذا تعطلت المنفعة بالكتب في هذا المكان ، كأن تكون كتبا كبارا ،
والطلاب في مرحلة الابتدائية مثلا كما تذكر ، أو لغير ذلك من أسباب تعطل المنفعة
بها في المكان الذي وضعت فيه : شرع نقلها لمكان آخر ، سواء مدرسة أخرى ، أو جامعة ،
أو مسجد ، أو غير ذلك من الأماكن التي يتيسر فيها الانتفاع بهذه المكتبة ،
والمحافظة على ما فيها .
وينظر جواب السؤال رقم (140176)
والإحالات الموجودة فيه .
فإذا قدر أن ذلك متعذر ، وهو
ما نستبعده غالبا ، وأمكنك نقل الكتب إلى بيتك والاستفادة منها ، وعدم حبسها عن أحد
: جاز لك ذلك ؛ صيانة لها من التلف والفساد والضياع ، حتى تتمكن من نقلها إلى مكتبة
أخرى .
سئل د. محمد بن عبد الله الهبدان :
تم تعييني في مدرسة نائيَة ، فوجدت فيها مكتبة خاصَّة بهذه المدرسة ، قامت بتأثيثها
إدارة التعليم ؛ لكن هذه المكتبة مهملة إهمالاً شنيعاً ، لدرجة أن الكتب قد امتلأت
غباراً ، بل إن الكثير منها قد اهترأ وتمزّق ، كما أن الطلبة والمعلمين لا يلقون
لها بالاً ، والبلدة التي بها المدرسة بلدة بادية ، فقمت بالإعداد لترتيبها
وتنظيفها ، واستخرجت منها عدداً من الكتب القيّمة التي يصعب الحصول على مثلها اليوم
، واستخلصتها لنفسي ، لأنني أستفيد منها كوني أعمل بحوثاً خاصَّة بي . فهل تحل لي
تلك الكتب ، مع أن حال المكتبة وكتبها كما ذكرت لك ؟
فأجاب :
" لا يحل لك تلك الكتب ، لكن إن كان في بقاء الكتب في تلك المكتبة ضرر على الكتب ،
بأن تتلف ، فيجب نقلها إلى مكان آخر . وإذا لم يمكنك نقلها ، فلا بأس أن تضعها في
بيتك مع عدم حبسها عن أحد ، بل عليك أن تسهل الوصول إليها لكل مستفيد وراغب في
العلم ، والله يأجرك ، فإن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا " انتهى من موقع
الشيخ .
www.alhabdan.net/index.php?option=com
والله تعالى أعلم .
تعليق