الجمعة 17 شوّال 1445 - 26 ابريل 2024
العربية

ما المقصود بحديث : ( العلم ثلاثة ..)؟

181230

تاريخ النشر : 23-07-2012

المشاهدات : 40801

السؤال


أريد أن أسأل عن معنى الحديث التالي ، لأني متحير في معناه . روى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( العلم من ثلاثة أشياء ، آيات محكمة وأحاديث صحيحة وما أخذ من الاثنين ، فما دون ذلك فهو زائد ) رواه بن ماجة 1/54، وأبو داود (2879) >
ما معنى كلمة "زائد"؟ وهل يجوز لي أن أتعلم العلوم الدنيوية؟ حيث إني فهمت من هذا الحديث أن "زائد" أي لا يمكنني تعلمها ؟

الجواب

الحمد لله.



أولاً :
هذا الحديث رواه الإمام أبو داود في سننه (2885) ، وابن ماجه (53) من طريق عَبْد الرَّحْمَنِ بْن زِيَاد ابْنِ أَنْعُمٍ الْإِفْرِيقِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ التَّنُوخِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الْعِلْمُ ثَلَاثَةٌ ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ فَضْلٌ : آيَةٌ مُحْكَمَةٌ ، أَوْ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ ، أَوْ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ ).
وقوله : ( فَهُوَ فَضْلٌ) : أي زائد لا ضرورة إلى معرفته . ينظر: "عون المعبود" (8/66).

وهو حديث ضعيف لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا تصح نسبته إليه ، ففيه راويان ضعيفان.
قال المنذري: " وَفِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمَ الْإِفْرِيقِيِّ ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ ، وَفِيهِ أَيْضًا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ رَافِعٍ التَّنُوخِيُّ ، وَقَدْ غمزه البخاري وابن أَبِي حَاتِمٍ ". انتهى ، نقلا عن "عون المعبود" (8/ 67)
وممن حكم بضعف الحديث من الأئمة : سفيان الثوري ، والضياء المقدسي ، وابن القطان ، وابن كثير ، والذهبي ، وابن رجب ، وابن الملقن ، والحافظ ابن حجر العسقلاني ، وتابعهم على ذلك الشيخ الألباني ، رحم الله الجميع .
ينظر: "مستدرك الحاكم" (4/ 369) ، "السنن والأحكام" للضياء (5/28) ، "بيان الوهم والإيهام" (3/136) ، "إرشاد الفقيه" (2/125) ، "مجموع رسائل ابن رجب" (3/10) ، "البدر المنير" (7/189) ، "تهذيب التهذيب" (6/176) ، تخريج مشكاة المصابيح" (1/160) ، "ضعيف أبي داود" (الأم ) (2/392).

ثانياً :
على فرض صحة الحديث ، فليس فيه المنع من دراسة العلوم الدنيوية ، وإنما المراد منه بيان أن أصول علوم الدين ومسائل الشرع ترجع إلى هذه الأمور الثلاثة ، وما سوى ذلك فهو فضل زائد لا ضرورة فيه .
قال الملا علي القاري شارحاً الحديث:
" ( الْعِلْمُ ) : أَيِ: الَّذِي هُوَ أَصْلُ عُلُومِ الدِّينِ ، وَاللَّامُ لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ .
( ثَلَاثَةٌ ) أَيْ : مَعْرِفَةُ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ .
( آيَةٌ مُحْكَمَةٌ ) أَيْ : غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ ، أَوْ مَا لَا يَحْتَمِلُ إِلَّا تَأْوِيلًا وَاحِدًا .
( أَوْ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ ) أَيْ: ثَابِتَةٌ صَحِيحَةٌ مَنْقُولَةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْمُولٌ بِهَا .
( أَوْ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ ) أَيْ : مُسْتَقِيمَةٌ .
قِيلَ : الْمُرَادُ بِهَا الْحُكْمُ الْمُسْتَنْبَطُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِالْقِيَاسِ ، لِمُعَادَلَتِهِ الْحُكْمَ الْمَنْصُوصَ فِيهِمَا ، وَمُسَاوَاتِهِ لَهُمَا فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ ، وَكَوْنِهِ صِدْقًا وَصَوَابًا .
وَقِيلَ : الْفَرِيضَةُ الْعَادِلَةُ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ ، وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِالْإِجْمَاعِ .
وَقِيلَ : الْمُرَادُ عِلْمُ الْفَرَائِضِ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَدِلَّةَ الشَّرْعِ أَرْبَعَةٌ : الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ ، وَيُسَمَّى الْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ فَرِيضَةً عَادِلَةً ". انتهى من "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (1/317) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب