الحمد لله.
لا يجوز لا أحد أن يضحي عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن الأصل في العبادات المنع والتوقيف حتى يثب ما يدل على خلافه .
وأما الحديث الذي أشار إليه السائل فقد رواه الترمذي وضعفه الشيخ الألباني وغيره كما سيأتي إن شاء الله تعالى .
قال الترمذي : (1495) قال حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي الْحَسْنَاءِ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ حَنَشٍ عَنْ عَلِيٍّ : " أَنَّهُ كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ ، فَقِيلَ لَهُ ، فَقَالَ : أَمَرَنِي بِهِ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا أَدَعُهُ أَبَدًا " .
ثم قال عقب روايته للحديث: " هذا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ شَرِيكٍ.."
ورواه أحمد (1219) وأبو داود (2790 ) من طريق شريك بن عبد الله القاضي بلفظ : " الوصية "
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي الْحَسْنَاءِ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ حَنَشٍ قَالَ : " رَأَيْتُ عَلِيًّا يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ ، فَقُلْتُ لَهُ : مَا هَذَا ؟ ، فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَانِي أَنْ أُضَحِّيَ عَنْهُ فَأَنَا أُضَحِّي عَنْهُ " .
قال المبارك فوري رحمه الله :
قال المنذري : حنش هو أبو المعتمر الكناني الصنعاني ، وتكلم فيه غير واحد ، وقال ابن حبان البستي : وكان كثير الوهم في الأخبار ينفرد عن علي بأشياء لا يشبه حديث الثقات حتى صار ممن لا يحتج به .
وشريك هو ابن عبد الله القاضي فيه مقال ، وقد أخرج له مسلم في المتابعات انتهى .
قلت : وأبو الحسناء شيخ عبد الله مجهول كما عرفت ، فالحديث ضعيف " انتهى من " تحفة الأحوذي "
وقال الشيخ الألباني رحمه الله : " قلت: إسناده ضعيف ؛ لسوء حفظ شرِيْك - وهو ابن عبد الله القاضي-.
وحنشٌ - وهو ابن المعتمر الصنعاني- ضعٌفه الجمهور .
وأبو الحسناء مجهول " انتهى من "ضعيف أبي داود"
وضعفه أيضاً الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله كما في شرحه لسنن أبي داود للعلل السابقة.
إذا تقرر ضعف الحديث ، تعين العمل بالأصل والأصل عدم جواز التضحية عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله : " الإنسان عندما يضحي ، يضحي عن نفسه وأهل بيته ، وله أن يضحي عن الأحياء والأموات من أهل بيته ، وإذا أوصى رجل بأن يضحى عنه فليضح عنه .
وأما الأضحية عن الميت استقلالاً على سبيل الانفراد ، فلا نعلم شيئاً ثابتاً يدل عليه ، ولكن كونه يضحي عن نفسه وعن أهل بيته أو أقاربه ، أحياء وأمواتاً ، فلا بأس بذلك ، وقد جاء في السنة ما يدل على ذلك ، فيدخل الأموات تبعاً، وأما أن يضحى عنهم استقلالاً وانفراداً، وأن يكون ذلك من غير وصية منهم ، فلا أعلم شيئاً يدل عليه .
والحديث الذي أورده أبو داود عن علي رضي الله تعالى عنه أنه كان يضحي بكبشين ويقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم أوصاه بذلك ، غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن في إسناده من هو مجهول ، وفيه من هو متكلم فيه غير المجهول ، والإنسان إذا أراد أن يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بسببه شيء من رفعة الدرجة وعلو المنزلة فإن عليه أن يجتهد في الأعمال الصالحة لنفسه ، فإن الله تعالى يعطي نبيه صلى الله عليه وسلم مثلما أعطاه ؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام هو الذي دل الناس على الخير : ( ومن دل على خير فله مثل أجر فاعله ) ..." انتهى من شرح "سنن أبي داود" .
وعلى فرض صحة الحديث ، فإن هذا خاص بالوصية ، كما جاء مصرحاً به في رواية أبي داود ، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يوص أحداً من الناس غير علي رضي الله عنه ، فلزم الوقوف عند النصوص وعدم التجاوز.
وللاستزادة في معرفة حكم الأضحية عن الميت ينظر جواب سؤال رقم (36596).
والله أعلم .
تعليق