الحمد لله.
أولاً :
لا يصح نكاح المرأة إلا بولي ، وليس للمرأة أن تزوج نفسها ولا أن تزوجها امرأة مثلها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا نكاح إلا بولي ) رواه أبو داود (2085) ، والترمذي (1101) ، وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، وصححه الألباني في " صحيح سنن الترمذي " .
ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل . . . فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له ) رواه أحمد ( 24417) ، وأبو داود (2083) ، والترمذي (1102) وصححه الألباني رحمه الله .
ثانياً :
إن منع الولي مَوْليته من الزواج بكفء رضيت به كان عاضلاً ، والعضل محرم بنص الكتاب
والسنة ، كما سبق بيانه مفصلا في الفتوى رقم : (
98244) .
وقد عده بعض العلماء من الكبائر , جاء في " الزواجر عن اقتراف الكبائر " (2/42) : "
الكبيرة الخامسة والخمسون بعد المائتين : عضل الولي موليته عن النكاح ، بأن دعته
إلى أن يزوجها من كفء لها ، وهي بالغة عاقلة : فامتنع " انتهى .
قال ابن قدامة رحمه الله : " فإن رغبت في كفء بعينه ،
وأراد تزويجها لغيره من أكفائها ، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته ، كان عاضلا
لها .
فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها : فله منعها من ذلك ، ولا يكون عاضلا لها " انتهى
من " المغني " (7/31) .
ثالثاً :
أما عن موقف الأسرة التي ترفض تزويج الصغرى قبل الكبرى ، فإنه موقف غير شرعي ،
مبناه على مراعاة العادات والتقاليد , ومعلوم أن العادات والتقاليد لا تعتبر إذا
خالفت الشرع الشريف , وهذا الموقف مخالف لشرع الله سبحانه ؛ إذ لم تأت الشريعة
بمراعاة الترتيب في تزويج البنات , وتأخير زواج الصغرى حتى تتزوج الكبرى , فهذا فيه
ظلم للصغرى ، وربما يؤدي إلى فوات زواجها أصلا إذا لم تتزوج الكبرى .
هذا بالإضافة إلى أنه يتسبب في وقوع النفرة والبغضاء بين الأختين ، حيث ترى الصغرى
أن الكبرى هي السبب في ظلمها ومنعها حقها .
والولي الذي يفعل ذلك يكون عاضلاً , وتسقط ولايته على موليته , وتراجع الفتوى رقم (170375)
، ففيها تفصيل الكلام عن حكم منع البنت الصغرى من الزواج حتى تتزوج الكبرى .
رابعاً :
اختلف الفقهاء فيمن تنتقل إليه الولاية إذا حصل عضل من الولي , فبعضهم قال : تنتقل
الولاية إلى السلطان , وبعضهم قال : تنتقل الولاية إلى الولي الأبعد , وقد سبق بيان
ذلك مفصلا في الفتوى رقم (171588) .
وقد رجح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أن الولاية تنتقل إلى من بعده من الأولياء الأقرب فالأقرب , حيث قال : " إذا منع الولي تزويج امرأة بخاطب كفء في دينه وخلقه ، فإن الولاية تنتقل إلى من بعده من الأقرباء العصبة الأولى فالأولى ، فإن أبوا أن يزوجوا كما هو الغالب ، فإن الولاية تنتقل إلى الحاكم الشرعي ، ويزوج المرأة الحاكمُ الشرعي ، ويجب عليه إن وصلت القضية إليه وعلم أن أولياءها قد امتنعوا عن تزويجها أن يزوجها ؛ لأن له ولاية عامة ما دامت لم تحصل الولاية الخاصة " انتهى من " فتاوى إسلامية " (3/148) .
وعليه : فإن كان القاضي الذي زوجهما هو القاضي الشرعي
، فإن الزواج صحيح ولا يحتاج إلى تجديد , أما إن كان الذي زوجهما قاض غير مسلم فإن
النكاح يكون قد وقع دون ولي , والنكاح بغير ولي لا يصح عند جمهور العلماء .
فإن كان كل من الزوجين راغبا في صاحبه فعليهما أن يجددا العقد ويعقدا بولي ، ولا
تحتاج إلى عدة ؛ لأن الماء ماؤه .
وينظر جواب السؤال (98546) .
والله أعلم .
تعليق