الحمد لله.
أولا :
تعلم القرآن وتعليمه من أشرف الأعمال وأفضلها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( خَيرُكُم مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ) رواه البخاري (5027) .
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ( فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ ، إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ ) رواه الترمذي (2685) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
ولا شك أن معلم الناس القرآن يعلم الناس الخير ، بل يفتح لهم أعظم أبواب الخير .
ثانيا :
تعليم القرآن فرض كفاية ، فإن كان في بلدك من يعلم الناس القرآن ، فلا إثم عليك ،
ولكن فاتك فضل عظيم .
وإن لم يكن هناك من يعلم الناس إلا أنت : وجب عليك تعليمهم ، فإن لم تفعل فقد أثمت
، وعليك التوبة .
قال النووي رحمه الله :
" تعليم المتعلمين فرض كفاية ؛ فإن لم يكن من يصلح إلا واحد تعين ، وإن كان هناك
جماعة يحصل التعليم ببعضهم : فإن امتنعوا كلهم أثموا ، وإن قام به بعضهم سقط الحرج
عن الباقين ، وإن طُلِب من أحدهم وامتنع ، فأظهر الوجهين أنه لا يأثم ، لكن يكره له
ذلك ، إن لم يكن عذر " .
انتهى من "التبيان في آداب حملة القرآن" (ص: 41-42) .
فإن كنت راغبا في ذلك الباب من الخير ، فلا تجلس حتى يأتيك الناس فيتعلموا منك ، ولكن اذهب أنت إليهم وادعهم إلى التعلم والحفظ ، وحثهم على ذلك ببيان فضله وشرفه ؛ فإن ذلك أزكى لك ولهم ، وأعون لك على عدم النسيان ، ولو لم تجد إلا الصبية الصغار ، وبإمكانك البحث عن إحدى دور التحفيظ أو حلقات التحفيظ في المساجد والالتحاق بها .
ثالثا :
ينبغي لحافظ القرآن أن يتميز به عن غيره ، فمن وفقه الله إلى هذا الفضل لا بد أن
يرتفع به ويرتقي ، وإلا لما كان هناك فرق بينه وبين سواه ، ونسرد جملة من الآداب
التي ينبغي أن يتحلى بها حافظ كاتب الله ، فمن ذلك :
- أن يخلص النية لله في حفظه وتلاوته وتعليمه .
- أن يتعاهد القرآن بالمراجعة حتى لا ينساه أو ينسى شيئا منه .
- أن لا يقصد به توصلا إلى غرض من أغراض الدنيا ، من مال أو رياسة أو وجاهة ، أو
ارتفاع على أقرانه ، أو ثناء عند الناس أو صرف وجوه الناس إليه ، أو نحو ذلك .
- أن يحرص على أن يكون خلقه القرآن ، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم .
- أن يحرص على تعليمه للناس ، ودعوة الناس إليه وتحفيظهم إياه ، وتوجيههم إلى
أخلاقه وآدابه .
- أن يرفق بمن يقرأ عليه وأن يرحب به ويحسن إليه .
- أن يعمل بالقرآن ولا يخالف أحكامه وشرائعه ، ولا يكون ممن حفظ حروفه وضيع حدوده ،
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ )
رواه مسلم (223) .
وصح عن ابن مسعود، قال: " كانَ الرجل مِنَّا إذا تعلَّم عَشْر آياتٍ لم يجاوزهُنّ
حتى يعرف معانيهُنَّ ، والعملَ بهنَّ " انتهى من "تفسير الطبري" (1/ 80) .
وقال أبو عبد الرحمن السلمي : " حدثنا الذين كانوا يُقرِئوننا: أنهم كانوا
يستقرِئون من النبي صلى الله عليه وسلم ، فكانوا إذا تعلَّموا عَشْر آيات لم
يخلِّفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل ، فتعلَّمنا القرآن والعمل جميعًا " انتهى
من "تفسير الطبري" (1/ 80) .
- أن يتميز به ليله عن ليل الناس ، فيقوم به لصلاة الليل قدر ما ييسر الله له من
ذلك ؛ فإن أهل القرآن من السلف كانوا هم أهل قيام الليل ، ومناجاة الله بالأسحار .
وننصحك باقتناء كتابين عظيمين جليلين في هذا الباب : الأول : " أخلاق حملة القرآن"
للإمام الآجري رحمه الله ، والثاني : " التبيان في آداب حملة القرآن" للإمام النووي
رحمه الله ؛ فاحرص عليهما ، وطالعهما ، وانتفع بما فيهما .
وراجع للفائدة إجابة السؤال
رقم : (127146) .
والله أعلم .
تعليق