الحمد لله.
أولا :
سبق بيان أن تحديد الخروج للدعوة بثلاثة أيام أو أربعين يوما ونحو ذلك : ليس له أصل في الدين ، فإذا اعتقد من يفعل ذلك أن لهذا التحديد فضيلة شرعية ، أو أنه يلزمه أو يلزم غيره ، أو يستحب له أو لغيره : الخروج هذا العدد ؛ فهذا لا شك أنه من البدع ؛ وإنما المشروع الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة حسب القدرة والطاقة ، دون أن يترتب على ذلك نوع مفسدة من تعطيل مصلحة راجحة أو حصول مفسدة ظاهرة أو إحداث بدعة .
جواب السؤال رقم : ( 8674 ) .
وينظر في الكلام عن جماعة التبليغ جواب السؤال رقم : (39349) ، ورقم : (8674) ، ورقم: (14037) .
ثانيا :
خروج المرأة وسفرها للدعوة ولو مع محرم أمر محدث أيضا ، لا يعرف عن سلف هذه الأمة ،
وهو خلاف ما أمرت به المرأة من القرار في البيت وعدم الخروج إلا لحاجة .
والذي يخشى من ذلك أن يكون فتحا لباب شر ، لا يعلم إلا الله ما يؤدي إليه ، وكيف
يكون إغلاقه .
روى ابن خزيمة (1689) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُوَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ ، عَنْ
عَمَّتِهِ ، امْرَأَةِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ : " أَنَّهَا جَاءَتِ
النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِنِّي أُحِبُّ الصَّلَاةَ مَعَكَ ، فَقَالَ : (
قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تُحِبِّينَ الصَّلَاةَ مَعِي ، وَصَلَاتُكِ فِي بَيْتِكِ
خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي حُجْرَتِكِ ، وَصَلَاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ
صَلَاتِكِ فِي دَارِكِ ، وَصَلَاتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي
مَسْجِدِ قَوْمِكِ ، وَصَلَاتُكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي
مَسْجِدِي ) ، فَأَمَرَتْ ، فَبُنِيَ لَهَا مَسْجِدٌ فِي أَقْصَى شَيْءٍ مِنْ
بَيْتِهَا وَأَظْلَمِهِ ، فَكَانَتْ تُصَلِّي فِيهِ حَتَّى لَقِيَتِ اللَّهَ عَزَّ
وَجَلَّ ".
حسنه الألباني في "صحيح الترغيب" (340) .
فإذا كانت صلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد ، بل أفضل من صلاتها في مسجد
النبي صلى الله عليه وسلم ؛ ابتغاء تمام سترها ، وصيانة لها عن الفتنة ، فكيف
بالخروج والسفر ولو في سبيل الدعوة ؟
وقد سئل الشيخ الألباني رحمه
الله عن حكم خروج المرأة للدعوة كما يفعله رجال التبليغ حيث يخرجون مصطحبين نساءهم
معهم ؟
فأجاب :
" هذه في الحقيقة بدعة أخرى ما كنا نسمعها من قبل ، ألا يعلم هؤلاء أن الله عز وجل
أنزل آية في القرآن صريحة ، فقال تعالى مخاطبا نساء الأمة في أشخاص نساء نبي الأمة
: ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ
الْأُولَى ) الأحزاب/ 33 معنى : ( وقرن ) أي استقررن أي اسكنّ ، أي لا تخرجن من
بيوتكن وإذا خرجتن لحاجة لا بد لكن منها فلا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى.
ألا يعلم هؤلاء قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمُ
الْمَسَاجِدَ، وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ ) ؟ رواه أبو داود (567) ، بل قالت
عائشة رضي الله عنها :
( لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى مَا أَحْدَثَ
النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسْجِدَ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ )
متفق عليه .
والآن نفاجأ بأن النساء يخرجن مع الرجال !
وخير الناس هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، والأئمة الأعلام بدءا بأبي حنيفة
وتربيعا بإمام السنة أحمد بن حنبل ، هل كان نساء هؤلاء الأئمة يخرجن مع أزواجهن
العلماء الأئمة في سبيل الدعوة ؟ لا ثم لا ثم لا "
انتهى كلامه رحمه الله باختصار .
http://www.youtube.com/watch?v=S_NcJSibYHM
وقد أنكر الشيخ ابن عثيمين
رحمه الله على من نسب إليه القول بجواز خروج النساء مع جماعة التبليغ فقال :
" أما ما نسبه إليَّ من أني أقول : حتى النساء يخرجن فهذا غير صحيح ، ولا علمت أن
النساء يخرجن في جماعة التبليغ إلا الآن " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (72/ 10)
بترقيم الشاملة .
راجع للفائدة جواب السؤال رقم : (10210)
.
هذا مع التنبيه إلى أن ما ذكر في الجواب هنا : إنما هو تأصيل عام ، وأما الكلام عن خصوص الجماعة المذكورة "مستورة" : فنحن لم نطلع على شيء من أعمالها ، أو عقائدها ، حتى نتمكن من الكلام الخاص عنها .
والله تعالى أعلم .
تعليق