الحمد لله.
يسرنا كثيرا أن نرى في أبناء أمتنا من أصحاب العقول المستنيرة ، والقلوب النقية ، من شبابها وفتياتها ، من يتمكن من التخلص من أغلال وآصار الفرقة والاختلاف ، ويعود إلى صفاء الإسلام ونقائه كما أنزله الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم ، وتلك نعمة عظيمة لا تعدلها أي نعمة ، فقد تفرق الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم شيعا وأحزابا ، وتمسك كل منهم بالدعوة التي أطلقها شيوخهم وأئمتهم ، حتى أصبح الإسلام غريبا بين هذه الطوائف والفرق، رغم أن الله عز وجل يقول : ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) الأنعام/159.
ونحن هنا نحييك ، ونكبر فيك منهجك في التفكير ، والتعاطي مع السؤالات الأهم في هذا الوجود ، التي تتعلق بالديانة والمعتقد ، وما يؤمن به الإنسان ويلتزم به تجاه الله عز وجل .
وهذا النهج يبدأ من خطوة أولى ، تتكئين فيها على ما وهبك الله عز وجل من عقل يمكنه التأمل والتفكر ، بعيدا عن جميع المؤثرات المجتمعية والفكرية السابقة ، فتقرئين القرآن الكريم ، بعيدا عن التحريفات المذهبية ، والتأويلات التي تذهب بهاء النص ، وتحرم القارئ فائدته ، فتتأملين في كلام الله عز وجل الذي أنزله هداية للبشرية ، ونورا للإنسانية ، ولا بد أن تجدي فيه الهداية والنور لنفسك أيضا ، بكلام واضح ميسور في معظم آياته وسوره ، فتقرأين فيه قول الله عز وجل : ( وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) الأنعام/155، وقوله سبحانه : ( كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ . اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ) الأعراف/2-3، فإذا علقت الهداية باتباع القرآن الكريم ، واتباع رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ؛ فأي هداية بعد ذلك يمكن أن تجديها فيما سواهما من مقالات البشر ، ومذاهبهم ؟! وأي سعادة نطلبها في غير الكتاب الكريم والسنة النبوية المطهرة ؟!
ولماذا ندخل الوسائط بيننا وبين هذين النورين !! أليست لنا عقول نفكر بها ! ألم يخلق لنا الله عز وجل قلوبا نعرف بها الحق من الباطل ؟! فلماذا نصر على تقليد ما نشأنا عليه من بيئة طائفية ، أو فرقة باطنية ؟!
أين نجد هذه الفرق في كتاب الله ، وأين نجدها في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!!
أترانا سندخل النار إن لم نؤمن بالإمام الفلاني والطائفة الفلانية ؟!
وهل يعقل أن ندخل النار من أجل عقائد لم يخبرنا عنها القرآن الكريم ، أو النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ؟!
تساؤلات يسيرة يمكنها أن تقودنا إلى نبذ كل تلك الطوائف والفرق والعقائد الخاصة ، ونستوثق الطريق الذي سلكناه بعيدا عنها ، قريبا إلى صفاء التوحيد الذي هو دين الأنبياء جميعا عليهم السلام .
يقول الله عز وجل : ( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) النور/54 .
ويقول سبحانه وتعالى : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) الحشر/7 .
ثم اعلمي أن الشريعة الإسلامية لا تكلفك بترك الدراسة خوفا من إجبار زوجك لك على العمل ، فليس من حق الزوج إجبار زوجته على ذلك ، كما لا شأن له في أموالك وممتلكاتك ، بل بإمكانك أن تشترطي عليه ما يناسبك ، ويناسب حياتك ؛ فإن اتفقتما على العمل في ظروف ملائمة ، فلا حرج عليك ، مع الاجتهاد في المحافظة على الحدود الشرعية .
وإن لم ترغبي أنت في العمل ، فليس من حق أحد أن يشترط عليك ذلك ، ومن حقك أنت أن تبيني ذلك ، وتشترطي ما تشائين ، على من يتقدم لخطبتك ، على ألا تجعلي ذلك عائقا ، تتركين لأجله الزواج ؛ لا ، بل اجتهدي في أن تعفِّي نفسك بالزواج ، وتخيري لنفسك الزوج الصالح ، الذي ينقلك من البيئة والعقائد والتقاليد التي نشأت عليها ، ويعينك على الحفاظ على دينك النقي ، وليس من شرط أن يكون ظاهره بالشكل الذي يدعو أهلك إلى رفضه ؛ بل يكفيك منه أن يكون حسن الخلق ، مقبول الدين في الجملة ، حريصا عليه ، مصليا .
وإذا شئت أن تؤجلي الدراسات العليا ، إلى ما بعد زواجك ، فأنت أبصر بما يصلحك ، وإن رأيت أن تكملي دراستك ، مع الاجتهاد في التقلل من المفاسد والمخالفات الشرعية ، قدر الطاقة ، والحرص على الصلاة في وقتها ، لا تخرج عنه قبل أن تصليها ، إلا من عذر طارئ ، وحرج عارض ، فافعلي ، ونرجو ألا يكون عليك حرج في ذلك ، إن شاء الله .
والخروج من المنزل لا يحتاج إلى محرم ، وإنما السفر هو الذي يشترط له ذلك ، خاصة مع التزام الحجاب والأدب والأمن على النفس من المعتدين .
فإن خفت على نفسك ، من اعتداء أحد عليك ، أو خفت على دينك من الضياع ، أو لم تقدري على أن تلتزمي بحجابك ، وحدود شرعك ، فقدمي ذلك كله ، على مصلحة العمل .
ولمن يبحث عن التعريف الموجز بطائفة " البهرة "، يمكن مراجعة موقعنا عند الفتوى رقم : (107544) .
والله أعلم .
تعليق