الحمد لله.
أولا :
لا حرج في دفن أكثر من ميت ، في القبر الواحد ، عند الحاجة إلى ذلك ، وإن كان خلاف الأصل في دفن كل ميت في قبر مستقل .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة :
" الأصل في الشريعة الإسلامية أن يدفن كل ميت في قبر مستقل إذا أمكن ذلك، ولا يدفن معه غيره ، لا ممن عاصره في الوفاة ولا ممن مات بعده ، وكذلك الأصل أنه لا يجوز نبش الأموات بعد فترة ، وأخذهم من قبورهم ، ووضعهم في حفرة واحدة.
أما إذا لم يمكن ذلك لضيق المكان ، ولم يوجد غيره ، أو كان هناك مشقة كبيرة في دفن كل واحد على حدة ، لكثرة الأموات بسبب وباء أو قتل ونحوهما : جاز دفن أكثر من ميت في قبر واحد ". انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (7/ 285) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" المشروع أن يدفن كل إنسان في قبر وحده ، كما جرت به سنة المسلمين قديما وحديثا،
ولكن إذا دعت الحاجة أو الضرورة إلى جمع اثنين فأكثر في قبر واحد : فلا بأس به ؛
فإن النبي عليه الصلاة والسلام في غزوة أحد كان يدفن الرجلين والثلاثة في قبر واحد
.
وفي هذه الحال ينبغي أن يقدم للقبلة أكثرهم قرآنا؛ لأنه الأفضل، ويكون بعضهم إلى
جنب بعض، قال الفقهاء: وينبغي أن يجعل بين كل اثنين حاجز من تراب " .
انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (17/ 213).
وينظر جواب السؤال رقم : (96667) .
ثانيا :
" السنة في القبور أن يحفر للميت في الأرض ، ثم يلحد له ؛ بأن يحفر حفرة في جانب
القبر مما يلي القبلة ثم يوضع فيها الميت "
"فتاوى نور على الدرب" للعثيمين (9/ 2) بترقيم الشاملة .
وقال علماء اللجنة :
" أما الدفن: فتشق قناة مستطيلة في الأرض بقدر الميت المراد دفنه، ثم يلحد له في
أسفل القبر مما يلي القبلة ، ليوضع فيه الميت مستقبلا بوجهه القبلة على جنبه الأيمن
، ثم يسوى عليه اللبن ، ويطين ما بين اللبن ليمنع نزول التراب إليه ، ثم يهال عليه
التراب " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (8/ 384) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
تبنى القبور عندنا من الحقان والرخام ، وتبنى مدافن على شكل بيوت تحت الأرض يوضع
فيها الأموات هل هذا العمل جائز؟
فأجاب : " أما البناء على القبور واتخاذ البنايات عليها وتجصيصها : فهذا منكر لا
يجوز .
أما جعل حفرة في الأرض ، يجعل فيها الأموات : فهذا خلاف السنة ؛ السنة أن يكون كل
ميت في قبر لوحده، يلحد له، ويوضع في قبره على حدة، هذا هو السنة، كما فعله النبي
صلى الله عليه وسلم في المدينة ، وفعله المسلمون .
لكن إذا دعت الضرورة لكثرة الأموات ومشقة الدفن لكل واحد لوحده ، لا مانع أن يجمع
الاثنان والثلاثة في قبر واحد " .
انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (14/ 96) .
والحاصل من ذلك كله :
أن جعل حفرة في الأرض ، يدفن فيها الموتى ، على الصورة المذكورة : عمل غير مشروع ،
والمشروع أن يدفن كل ميت على حدة الدفن الشرعي ، ثم يسوى عليه قبره ، ولا يدفن أكثر
من واحد في قبر واحد إلا عند الحاجة والضرورة .
وأبعد من ذلك عن السنة والمشروعية : جعل الموتى على أحجار بعضها فوق بعض على هيئة
الرفوف .
والله تعالى أعلم .
تعليق