الحمد لله.
أولا :
يجب على المسلم أن يتأدب مع الله تعالى ومع رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن يلتزم في ألفاظه التي يستعملها في حق الله ورسوله مقتضى هذا الأدب ، فلا يتكلم بكلام ظاهره النقص ، ولا يتكلم بكلام يحصل به التشويش أو احتمال لأمر لا يليق ، وإن كان لا يقصد ذلك .
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا ) البقرة/ 104.
قال السعدي رحمه الله :
" كان المسلمون يقولون حين خطابهم للرسول عند تعلمهم أمر الدين: رَاعِنَا أي: راع أحوالنا، فيقصدون بها معنى صحيحا، وكان اليهود يريدون بها معنى فاسدا، فانتهزوا الفرصة ، فصاروا يخاطبون الرسول بذلك ، ويقصدون المعنى الفاسد ، فنهى الله المؤمنين عن هذه الكلمة ، سدا لهذا الباب .
ففيه النهي عن الجائز ، إذا كان وسيلة إلى محرم ، وفيه الأدب، واستعمال الألفاظ، التي لا تحتمل إلا الحسن ، وعدم الفحش ، وترك الألفاظ القبيحة ، أو التي فيها نوع تشويش ، أو احتمال لأمر غير لائق ، فأمرهم بلفظة لا تحتمل إلا الحسن ، فقال: ( وَقُولُوا انْظُرْنَا ) ، فإنها كافية يحصل بها المقصود ، من غير محذور ".
انتهى من "تفسير السعدي" (ص 61) .
راجع جواب السؤال رقم : (131358) .
ليس في مادة " عوز " في اللغة ما يمكن استعماله في حق الله
تعالى ، ومشتقاتها تدل على الحاجة ، وعسر الحال ، وقلة الشيء ،
فالعَوَزُ ضِيقُ الشيء والإِعْوازُ الفقر والمُعْوِزُ الفقير ،
وعَوِزَ الشيءُ عَوَزاً إِذا لم يوجد ، وعَوِزَ الرجلُ
وأَعْوَزَ أَي افتقر ، المِعْوَزَةُ والمِعْوَزُ: الثوبَ
الخَلَق الذي يبتذل ، واعْوَزَّ الرجلُ اعْوِزازاً : احتاجَ
واخْتلَّت حالُه ، ومن أمثالِهم المَشهورة : سَدَادٌ من عَوَزٍ
. وأَعْوَزَ الشيءُ ـ تعذّر .
انظر : "الصحاح" (2 /6) ، "لسان العرب" (5 /385) ، "تاج العروس"
(ص 3774).
وأما قول الناس " ربنا عاوز كده " ؛ فمع أنهم يقصدون بذلك : أن
الله يريد ذلك الأمر ؛ فلا شك أن البعد عن اللفظ المشتبه الموهم
هو الأولى ، والأسلم للمرء في دينه ، وأعظم في أدبه مع ربه ؛
فمع إرادة المعنى الصحيح : لا يخلو استعمال هذا اللفظ من كراهة
، لما فيه من اللبس والإيهام .
وأما مع اعتقاد نسبة الحاجة أو الفقر " العَوَز " إلى رب
العالمين ، سبحانه : فلا شك في بطلان ذلك ، بل هو كفر برب
العالمين .
وفي مثل هذه الحال من اشتباه دلالة اللفظ على المعنى الحق ،
بالمعنى الباطل ، فلا شك أن السلامة ترك ذلك اللفظ كله ، كما
سبق في بيان أدب الله لعباده ، والاستغناء عنه باللفظ الشرعي
السالم من الاشتباه والغلط ، وإيهام النقص .
والله تعالى أعلم .
تعليق