الحمد لله.
رغب الشرع في الصدقة الجارية ، ويكفي المؤمن من فضل ذلك : أن يموت ، ثم لا يموت عمله الصالح وسعيه ، من بعد موته .
قال رسول صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثٍ : صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ ، وَعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ ، وَوَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ ) رواه مسلم (3084) .
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم :
"قَالَ الْعُلَمَاء : مَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ عَمَل الْمَيِّت يَنْقَطِع بِمَوْتِهِ , وَيَنْقَطِع تَجَدُّد الْثوَاب لَهُ , إِلا فِي هَذِهِ الأَشْيَاء الثَّلاثَة ; لِكَوْنِهِ كَانَ سَبَبهَا ; فَإِنَّ الْوَلَد مِنْ كَسْبه , وَكَذَلِكَ الْعِلْم الَّذِي خَلَّفَهُ مِنْ تَعْلِيم أَوْ تَصْنِيف , وَكَذَلِكَ الصَّدَقَة الْجَارِيَة , وَهِيَ الْوَقْف " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله : " الصدقة الجارية هي : التي يستمر الانتفاع بها ؛ ولهذا سميت جارية ، لأنها
غير واقفة .
والصدقة غير الجارية : هي التي ينتفع بها الإنسان في وقتها فقط ، فمثلا : إذا أعطيت
فقيرا ألف ريال أنفقه في مدة شهر أو شهرين انقطعت الصدقة ، وإذا أوقفت عمارة أو
بيتا أو دكانا ؛ ليكون ريعه في الفقراء ، فالصدقة جارية ، ما دام ريعه موجوداً
وطباعة الكتب والأشياء النافعة صدقة جارية ما دام الناس ينتفعون بها ، فهي جارية
الأجر جارية الثواب " .
انتهى من " فتاوى نور على الدرب – لابن عثيمين " .
وللفائدة ينظر جواب السؤال
رقم : (69948) ، ورقم
: (43101) .
وعلى ذلك ؛ فإذا بنى الإنسان
ما ينتفع به الناس ، ويرتفقون به في عيشهم ، فهذا من الصدقة الجارية ، إن شاء الله
، وأولى من ذلك وأفضل : أن يكون النفع في أمورهم الدينية ؛ فهذا مع ما فيه من منافع
الناس ، وارتفاقهم ، وتيسير أمرهم : له فضيلة خاصة ، وهي الإعانة على العبادة ،
وتيسير سبلها .
ومن هذا الباب : بناء دورات مياه في المساجد ( المواضئ ) ، أو أعاد بناءها وترميمها
، فهذا من باب الصدقة الجارية التي ينال بها صاحبه الأجر والثواب بإذن الله .
والله أعلم .
تعليق