الحمد لله.
جمهور أهل العلم رحمهم الله : على تحريم لبس الذهب للصبي ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام في - الذهب والحرير - : ( إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي ) رواه أبو داود (3535) ، والنسائي (5054) ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله .
فالنص ورد بتحريم الذهب
والحرير على الذكور ، والصبيان يشملهم هذا اللفظ ، وأيضاً قد يخشى من إلباس الصبي
الذهب والحرير حال الصغر ، أن يعتاده ويألفه ، فيصعب بعد ذلك أن يرجع عنه حال الكبر
.
جاء في " الموسوعة الفقهية "
(21/284) : " ذهب الحنفية والحنابلة وهو وجه عند الشافعية : إلى تحريم لبس الذكور
الذهب ، سواء كانوا صغارا أو كبارا ، إلا لضرورة .
وذهب المالكية : إلى جواز لبس الصبي الذهب مع الكراهة .
وذهب الشافعية - في الأصح - : إلى الجواز مطلقا ، وفي وجه : يجوز قبل سنتين ويحرم
بعدها ، وبه قطع البغوي " انتهى .
وقال الشيخ منصور البهوتي رحمه الله : " ( ويحرم إلباس صبي ما يحرم على رجل ) من اللباس من حرير أو منسوج بذهب أو فضة أو مموه بأحدهما ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( وحرم على ذكورها ) ، وعن جابر رضي الله عنه قال : ( كنا ننزعه عن الغلمان ونتركه على الجواري ) رواه أبو داود " انتهى من " كشاف القناع " (1/283) .
والمعتمد في الفتوى : قول من منع من إلباس الطفل الذهب والحرير ، ونحوها من
المحرمات ، لئلا يألف المحرم ، فيعتاده إذا كبر ، ولعموم منع " الذكور " منه .
سُئِلَ شيخ الإسلام ابن
تيمية - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
عَنْ كِسْوَةِ الصِّبْيَانِ فِي الْأَعْيَادِ وَغَيْرِهَا الْحَرِيرَ. هَلْ يَجُوزُ
لِوَلِيِّ الْيَتِيمِ أَنْ يُلْبِسَهُ الْحَرِيرَ ، أَمْ لَا ؟ وَإِذَا فَعَلَ
ذَلِكَ هَلْ يَأْثَمُ ، أَمْ لَا ؟ وَكَذَلِكَ تَمْوِيهُ أقباعهم بِالذَّهَبِ :
هَلْ يَجُوزُ ، أَمْ لَا ؟
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ
لِلَّهِ . لَيْسَ لِوَلِيِّ الْيَتِيمِ إلْبَاسُهُ الْحَرِيرَ فِي أَظْهَرِ
قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ . كَمَا لَيْسَ لَهُ إسْقَاؤُهُ الْخَمْرَ وَإِطْعَامُهُ
الْمَيْتَةَ ، فَمَا حَرُمَ عَلَى الرِّجَالِ الْبَالِغِينَ فَعَلَى الْوَلِيِّ
أَنْ يُجَنِّبَهُ الصِّبْيَانَ ، وَقَدْ مَزَّقَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حَرِيرًا
رَآهُ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَقَالَ: لَا تُلْبِسُوهُمْ الْحَرِيرَ، وَكَذَلِكَ
مَا يَحْرُمُ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ الذَّهَبِ .
وَأَمَّا نِسْبَةُ الْوَلِيِّ إلَى الْبُخْلِ : فَيُدْفَعُ ذَلِكَ بِأَنْ
يَكْسُوَهُ مِنْ الْمُبَاحِ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّجَمُّلُ فِي الْأَعْيَادِ
وَغَيْرِهَا ، كَالْمَقَاطِعِ الإسكندرانية وَغَيْرِهَا مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ
التَّجَمُّلُ وَالزِّينَةُ ، وَدَفْعُ الْبُخْلِ ، مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ " انتهى
من "مجموع الفتاوى" (30/19) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : " هل يجوز أن يلبس الأطفال الذكور الذهب أم لا ، وإذا كانت أعمارهم تقل عن السنتين ؟
فأجاب : لا يجوز تلبيس
الذكور الذهب مطلقا ، ولو كانوا أقل من سنتين ، الذهب حل للإناث حرام على الذكور
سواء كان خواتيم أو ساعات أو غير ذلك ، فلا يجوز إلباس الطفل الذكر الذهب كما لا
يجوز إلباس الرجل الكبير وإنما الذهب للنساء " .
انتهى من " فتاوى نور على الدرب " .
http://www.binbaz.org.sa/mat/18438
إلا أن الصبي إذا لبس الذهب أو الحرير ، فإنما إثمه على من ألبسه ذلك ؛ لأن الصبي ليس أهلاً للتكليف .
قال أبو بكر الكاساني رحمه
الله : " إلا أن اللابس إذا كان صغيراً ، فالإثم على من ألبسه لا عليه ؛ لأنه ليس
من أهل التحريم عليه ، كما إذا سقي خمرا فشربها ، كان الإثم على الساقي لا عليه كذا
ههنا " انتهى من " بدائع الصنائع " (5/132) .
والله أعلم .
تعليق