الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

حديث : ( القَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ ) ضعيف السند ، صحيح المعنى .

212749

تاريخ النشر : 21-05-2014

المشاهدات : 91089

السؤال


هل صحيح أن الحديث النبوي : القبر إما روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النار ، حديث ضعيف ؟

الجواب

الحمد لله.


روى الترمذي (2460) من طريق عُبَيْد اللهِ بْن الوَلِيدِ الوصافِيّ ، عَنْ عَطِيَّةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، قَالَ: " دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصَلاَّهُ فَرَأَى نَاسًا كَأَنَّهُمْ يَكْتَشِرُونَ - أي يضحكون - قَالَ : ( أَمَا إِنَّكُمْ لَوْ أَكْثَرْتُمْ ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ : لَشَغَلَكُمْ عَمَّا أَرَى ، فَأَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ ؛ الْمَوْتِ !! فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَلَى القَبْرِ يَوْمٌ إِلاَّ تَكَلَّمَ فِيهِ فَيَقُولُ : أَنَا بَيْتُ الغُرْبَةِ ، وَأَنَا بَيْتُ الوَحْدَةِ ، وَأَنَا بَيْتُ التُّرَابِ ، وَأَنَا بَيْتُ الدُّودِ ، فَإِذَا دُفِنَ العَبْدُ الْمُؤْمِنُ قَالَ لَهُ القَبْرُ: مَرْحَبًا وَأَهْلاً ، أَمَا إِنْ كُنْتَ لأَحَبَّ مَنْ يَمْشِي عَلَى ظَهْرِي إِلَيَّ ، فَإِذْ وُلِّيتُكَ اليَوْمَ ، وَصِرْتَ إِلَيَّ : فَسَتَرَى صَنِيعِيَ بِكَ ، قَالَ: فَيَتَّسِعُ لَهُ مَدَّ بَصَرِهِ ، وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الجَنَّةِ ، وَإِذَا دُفِنَ العَبْدُ الفَاجِرُ ، أَوِ الكَافِرُ ، قَالَ لَهُ القَبْرُ: لاَ مَرْحَبًا وَلاَ أَهْلاً ، أَمَا إِنْ كُنْتَ لأَبْغَضَ مَنْ يَمْشِي عَلَى ظَهْرِي إِلَيَّ ، فَإِذْ وُلِّيتُكَ اليَوْمَ ، وَصِرْتَ إِلَيَّ ، فَسَتَرَى صَنِيعِيَ بِكَ !! قَالَ: فَيَلْتَئِمُ عَلَيْهِ ، حَتَّى تَلْتَقِيَ عَلَيْهِ وَتَخْتَلِفَ أَضْلاَعُهُ )
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِأَصَابِعِهِ ، فَأَدْخَلَ بَعْضَهَا فِي جَوْفِ بَعْضٍ قَالَ: ( وَيُقَيِّضُ اللَّهُ لَهُ سَبْعِينَ تِنِّينًا ، لَوْ أَنْ وَاحِدًا مِنْهَا نَفَخَ فِي الأَرْضِ : مَا أَنْبَتَتْ شَيْئًا مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا ، فَيَنْهَشْنَهُ وَيَخْدِشْنَهُ حَتَّى يُفْضَى بِهِ إِلَى الْحِسَابِ) .
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّمَا القَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ ) .
وقال الترمذي عقبه : " هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ ، لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ هَذَا الوَجْهِ " . اهـ

وهذا إسناد ضعيف جدا ، عطية : هو ابن سعد العوفي القيسي ، ضعيف ، ضعفه النسائي ، وأبو زرعة ، والساجي ، وغيرهم .
انظر : "التهذيب" (7/200-202) .
وعبيد الله بن الوليد راويه عنه : ضعيف أيضا ، بل ضعيف جدا ، ضعفه ابن معين ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، وغيرهم ، وقال عمرو بن علي ، والنسائي : ليس بثقة ولا يكتب حديثه ، وقال العقيلي : في حديثه مناكير ، لا يتابع على كثير من حديثه .
وقال ابن حبان يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات ، حتى يسبق إلى القلب أنه المعتمد لها ، فاستحق الترك ، وقال الحاكم : روى عن محارب أحاديث موضوعة ، وقال الساجي عنده مناكير ضعيف الحديث جدا .
" تهذيب التهذيب" (7 /50-51) ، " ميزان الاعتدال " (3/17) .
والحديث ذكره الشيخ الألباني رحمه الله في " ضعيف الترغيب والترهيب" (1944) وقال : "ضعيف جدا" .
وله شاهد يرويه الطبراني في " الأوسط" (8613) من طريق مُحَمَّد بْن أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ ، نا أَبِي ، نا الْأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعا .
ومحمد بن أيوب بن سويد : متهم ، قال أبو زرعة : رأيته قد أدخل في كتب أبيه أشياء موضوعة ، وقال الحاكم ، وأبو نعيم : روى عن أبيه أحاديث موضوعة ، وقال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه .
"لسان الميزان" (5 /87) .
وأبوه أيوب بن سويد : متروك الحديث ، قال ابن معين : ليس بشيء ، وقال ابن المبارك: ارم به ، وقال النسائي: ليس بثقة .
"ميزان الاعتدال" (1 /287) .
وله شاهد آخر يرويه البيهقي في " إثبات عذاب القبر" (50) من طريق مُحَمَّد بْن عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ ، أَنَا سَلَمَةُ بْنُ أَخِي عُمَرَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ شَيْبَةَ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مرفوعا .
والواقدي متهم ، كذبه الشافعي ،وأحمد ، والنسائي ، وغيرهم ، وقال إسحاق بن راهويه : هو عندي ممن يضع الحديث .
"تهذيب التهذيب" (9 /326) .
وقد ضعف هذا الحديث الحافظ العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" (ص358) ، والحافظ ابن رجب ، كما في "الجامع لتفسيره" (2/377) ، والحافظ السخاوي في "المقاصد" (ص484) ، والشوكاني في " الفوائد المجموعة " (ص269) ، والألباني في " ضعيف الجامع " (1231) .
فهو حديث ضعيف بهذا اللفظ ، ولكنه صحيح المعنى ، راجع جواب السؤال رقم : (9381) .
ويغني عنه حديث البراء المشهور في عذاب القبر ونعيمه .
انظر له جواب السؤال رقم : (47055) .

ويغني عنه أيضا ما رواه الترمذي (2308) وحسنه ، وابن ماجة (4267) ، وأحمد (454) ، والحاكم (7942) عَنْ هَانِئٍ، مَوْلَى عُثْمَانَ ، قَالَ : " كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ يَبْكِي حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ ، فَقِيلَ لَهُ : تَذْكُرُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ ، وَلَا تَبْكِي، وَتَبْكِي مِنْ هَذَا ؟ قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ ، فَإِنْ نَجَا مِنْهُ ، فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ ، وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ ، فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ) قَالَ : وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلَّا وَالْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ ) .
صححه الحاكم ، ووافقه الذهبي ، وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي" .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب