الحمد لله.
ذهب جمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة إلى أن التعزير بأخذ المال لا يجوز . وأجاب بعضهم عن القضايا التي وردت بالعقوبة بأخذ المال بأنها منسوخة ، إذ كان مشروعاُ في ابتداء الإسلام ثم نسخ بعد ذلك ، وعللوا عدم جواز التعزير بأخذ المال بأن هذا النوع من العقوبة يكون ذريعة إلى أخذ ظلمة الحكّام والولاة أموال الناس بغير حق .
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم إلى جواز التعزير بأخذ المال إذا رأى الولاة أن هذا يحقق المصلحة ، ويردع الظلمة ، ويكف الشر ، لأن التعزير باب واسع ، فأوله التوبيخ بالكلام ، وأعلاه التعزير بالقتل إذا لم ينكف الشر إلا بالقتل ، وأخذ المال نوع من أنواع التعزير الذي يحصل به ردع المعتدين .
وقد رد الشيخان دعوى النسخ ونفياها نفياً باتاً ، ودللا على ذلك بما ورد من القضايا العديدة المؤيدة لوجود العقوبات المالية .
قال الشيخ : مدّعو النسخ ليس معهم حجة شرعية لا من كتاب ولا من سنة ، وهو جائز على أصل أحمد ، لأنه لم يختلف أصحابه أن العقوبات في المال غير منسوخة كلها .
ومن أدلة التعزير بأخذ المال ما يأتي :
أباح النبي صلى الله عليه وسلم سلب الذي يصطاد في حرم المدينة لمن يجده .
أمر بكسر دِنان الخمر وشق ظروفه .
أمر عبد الله بن عمر بحرق الثوبين المعصفرين .
أضعف الغرامة على من سرق من غير حرز .
هدم مسجد الضرار .
حَرَم القاتل من الميراث والوصية .
قال شيخ الإسلام : إن العقوبات المالية ثلاثة أقسام :
أولاً :
الإتلاف : هو إتلاف محل المنكرات تبعاً لها ، مثل الأصنام بتكسيرها وإحراقها وتحطيم آلات اللهو ، وتمزيق أوعية الخمور ، وتحريق الحوانيت التي يباع فيها الخمر ، وإتلاف كتب الزندقة والإلحاد والأفلام الخليعة والصور المجسمة ونحو ذلك .
ثانياً :
التغيير : مثل تكسير العملة المزيفة والستائر التي فيها التصاوير ، وجعله وسادة ونحو ذلك .
ثالثاً :
التمليك : مثل سرقة التمر المعلّق ، والتصدق بالزعفران المغشوش ، فمصادرة مثل هذه الأشياء والصدقة بها أو بأثمانها .
تعليق