الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

حكم دفع الزكاة لمن يقوم بالإصلاح بين الناس والمستشارين أو المرشدين الأسريين

219890

تاريخ النشر : 05-08-2015

المشاهدات : 10089

السؤال


هل يجوز إعطاء الزكاة لمن يقوم بالإصلاح بين الناس والمستشارين أو المرشدين الأسريين -سواء كانوا أفرادا أو مراكز- وإذا كان الجواب بنعم فتحت أي بند يدخلون ؟

ملخص الجواب

فالحاصل ؛ أن عملية الإرشاد الأسري وما شابهها من أعمال البر لا تدخل في مفهوم ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) المذكور في آية مصارف الزكاة ، على القول الراجح الذي اختاره أكثر أهل العلم. ويمكن أن تعان هذه المراكز والمنتسبين إليها بأموال غير الزكاة كصدقات التطوع . والله أعلم .

الجواب

الحمد لله.


مصارف الزكاة قد حددها القرآن الكريم ؛ وذلك في قول الله تعالى : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة /60 .
فأهل الزكاة ثمانية أصناف ، وهم على سبيل الإجمال :
"1- الفقير : الذي لا شيء له .
2- والمسكين: الذي يجد بعض ما يكفيه .
3- والمراد بالعاملين عليها : السعاة الذين يبعثهم إمام المسلمين أو نائبه لجبايتها ، ويدخل في ذلك كاتبها وقاسمها .
4- والمراد بالمؤلفة قلوبهم : من دخل في الإسلام وكان في حاجة إلى تأليف قلبه لضعف إيمانه .
5- والمراد بقوله تعالى: ( وَفِي الرِّقَابِ ) عتق المسلم من مال الزكاة ، عبدا كان أو أمة ، ومن ذلك : فك الأسارى ، ومساعدة المكاتبين .
6- والمراد بالغارمين : من استدان في غير معصية ، وليس عنده سداد لدينه ، ومن غرم في صُلح مشروع .
7- والمراد بقوله تعالى: ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) إعطاء الغزاة والمرابطين في الثغور من الزكاة ، ما ينفقونه في غزوهم ورباطهم .
8- والمراد بابن السبيل: المسافر الذي انقطعت به الأسباب عن بلده وماله ، فيعطى ما يحتاجه من الزكاة حتى يصل إلى بلده ، ولو كان غنيا في بلده " .
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (10 / 6 – 7) .
وينظر جواب السؤال رقم : (46209) ,

فالمصلح والمرشد الاجتماعي إذا كان واحدا من هؤلاء الثمانية ، كأن يكون فقيرا أو مسكينا أو غارما إلى آخره ؛ جاز أن يعطى من الزكاة .
وإن لم يكن واحدا منهم فلا تعطى له الزكاة ، وليس وصف "المصلح" أو "المرشد" مما يتعلق به إعطاء الزكاة في دين الله ، كما يتضح مما سبق .

إلّا أنّ أهل العلم اختلفوا في المصرف السابع ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) بسبب الاختلاف في مفهوم ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) فمن نظر إلى المعنى اللغوي العام جعلها تشمل جميع أنواع البرّ والخير ، ومن نظر إلى عرف الشارع قصرها على الغزو .
قال ابن الاثير رحمه الله تعالى :
" فالسبيل : في الأصل الطريق ويذكر ويؤنث ، والتأنيث فيها أغلب . وسبيل الله عام يقع على كل عمل خالص سلك به طريق التقرب إلى الله تعالى بأداء الفرائض والنوافل وأنواع التطوعات ، وإذا أطلق فهو في الغالب واقع على الجهاد ، حتى صار لكثرة الاستعمال كأنه مقصور عليه " انتهى من " النهاية في غريب الحديث " (2 / 338 - 339) .
وجماهير أهل العلم (ومنهم الأئمة الأربعة) اختاروا من حيث الجملة أن المراد بـ ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) الغزاة .
قال ابن قدامة رحمهم الله تعالى :
" ولا خلاف في أنهم الغزاة في سبيل الله ؛ لأن سبيل الله عند الإطلاق هو الغزو ... فإذا تقرر هذا ، فإنهم يعطون وإن كانوا أغنياء .
وبهذا قال مالك ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأبو عبيد ، وابن المنذر. وقال أبو حنيفة وصاحباه: لا تدفع إلا إلى فقير – أي الغازي الفقير - " انتهى من " المغني " (9 / 326) .
وقال أيضا :
" لأن سبيل الله عند الإطلاق إنما ينصرف إلى الجهاد ، فإن كل ما في القرآن من ذكر سبيل الله ، إنما أريد به الجهاد ، إلا اليسير ، فيجب أن يحمل ما في هذه الآية على ذلك ؛ لأن الظاهر إرادته به ، ولأن الزكاة إنما تصرف إلى أحد رجلين ، محتاج إليها ، كالفقراء والمساكين وفي الرقاب والغارمين لقضاء ديونهم ، أو من يحتاج إليه المسلمون ، كالعامل والغازي والمؤلف والغارم لإصلاح ذات البين " انتهى من " المغني " (9 / 328 – 329) .

ونُسب إلى بعض الفقهاء قديما أنهم اختاروا المعنى اللغوي العام فجعلوا مصرف ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) يشمل كل أنواع البرّ ، واختار عدد من العلماء المتأخرين هذا القول .
جاء في " تفسير الرازي " ( 16 / 115 ) :
" واعلم أن ظاهر اللفظ في قوله : ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) لا يوجب القصر على كل الغزاة ، فلهذا المعنى نقل القفال في تفسيره عن بعض الفقهاء أنهم أجازوا صرف الصدقات إلى جميع وجوه الخير ، من تكفين الموتى وبناء الحصون وعمارة المساجد ، لأن قوله : ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) عام في الكل " انتهى .

واختاره بعض المتأخرين منهم الشيخ صديق حسن خان رحمه الله تعالى في "الروضة الندية".

لكن ضُعِّف هذا القول بأنه لو كان ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) المراد بها عموم أوجه البرّ ، لكان التنصيص على الأصناف السبعة الأخرى بلا فائدة ، لأنها داخلة في عموم البرّ ، وكلام الله تعالى منزه عن اللغو .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب

موضوعات ذات صلة