الحمد لله.
إذا ضارب الإنسان بمال غيره ، وخسرت الشركة بسبب إهماله وتقصيره فإنه يضمن لأصحاب رأس المال أموالهم .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (28/ 250):
" إِذَا هَلَكَ مَال الْمُضَارَبَةِ فِي يَدِهِ - يعني المضارب - بِسَبَبِ تَعَدِّيهِ أَوْ تَقْصِيرِهِ أَوْ تَفْرِيطِهِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ " انتهى .
وقد ذكرت أن المضارب قد أقر بتقصيره وتعهد برد رأس المال إلى أصحابه . وهذا هو الواجب عليه .
فيكون هذا المال ديناً عليه لأصحاب رأس المال .
وإذا كان مال المدين الذي معه لا يكفي لسداد ما عليه من الديون فإن العدل أن يقتسم الدائنون المال الموجود بنسبة ديونهم .
فإذا كان مجموع ما عليه من الديون عشرة آلاف ، والمال الذي معه ألفان ، فهو خمس الديون ، فيأخذ كل دائن خمس دينه فقط ، ويكون الباقي في ذمة المدين حتى يقضيه ، هذا هو العدل .
فعن عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله أنه قَضَى فِي رَجُلٍ غَرِقَ فِي دَيْنٍ، أَنْ يُقَسَّمَ مَالُهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ، وَيُتْرَكَ حَتَّى يَرْزُقَهُ اللَّهُ . "المدونة" (4/ 81).
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عَنْ تُجَّارٍ أَخَذَهُمْ حَرَامِيَّةٌ ثُمَّ رَدُّوا عَلَيْهِمْ مِنْ الْمَالِ شَيْئًا. فَهَلْ مَنْ عَرَفَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ يَأْخُذُهُ؟ أَوْ يُقْسَمُ عَلَى رُءُوسِ الْأَمْوَالِ الْمَأْخُوذَةِ بِالسَّوِيَّةِ ؟
فَأَجَابَ:
" الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَمَّا مَنْ وَجَدَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَأَمَّا الَّذِينَ عَدِمَتْ أَمْوَالُهُمْ فَيَتَقَاسَمُونَ مَا غَرِمَهُ الْحَرَامِيَّةُ لَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَمْوَالِهِمْ؛ لَا عَلَى عَدَدِ الرُّؤُوسِ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (30/ 334).
ولا يجوز لأحد منهم أن يأخذ ما يقدر عليه من أموال ويترك سائر الدائنين ، فإن العدل يقتضي أن يتشاركوا في المال الموجود ولا ينفرد به أحدهم .
وعند التنازع في مثل هذه المشكلة في البلاد التي ليس بها قضاء شرعي ، فالواجب أن يتفق جميع الأطراف على شخص عالم بالشرع فيحكم بينهم بما أنزل الله ، ويكون حكمه ملزما لجميع الأطراف .
وانظر للفائدة الفتوى رقم (145437).
والله أعلم
تعليق