الحمد لله.
أولا :
الأذكار الشرعية قسمان : ذكر مطلق ، وهو ما لم يقيد بزمان أو مكان أو صفة أو عدد ، كمطلق الأذكار من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير ، ومثله الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ونحو ذلك مما يقوله المسلم في أي وقت شاء بالليل أو النهار ؛ وهذا لا حد له ولا وقت له ولا حال له ، يفعل في كل وقت وفي كل حال وبغير حد محدود ؛ بل الاستكثار منه من أعظم خصال الخير :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ إِنَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ ، فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ ؟
قَالَ : ( لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ) .
رواه أحمد (17227) والترمذي (3375) وحسنه ، وصححه الألباني .
وروى المروزي في "زوائد الزهد" (1134) بسند صحيح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: " مَنْ بَخِلَ بِالْمَالِ أَنْ يُنْفِقَهُ، وَهَابَ الْعَدُوَّ أَنْ يُجَاهِدَهُ، وَتَضَبَّطَهُ اللَّيْلُ أَنْ يُسَاهِرَهُ، فَلْيَسْتَكْثِرْ مِنْ قَوْلِ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ " .
القسم الثاني : ذكر مقيد، وهو الذكر الذي قيد بزمان أو مكان أو صفة أو عدد ،
فهذا النوع من الأذكار يتقيد الإنسان فيه بما ورد ، من حيث الوقت ، والعدد ،
والكيفية.
ومثاله: الأذكار الواردة دبر الصلوات ، وأذكار النوم ، وأذكار الصباح والمساء ،
وغير ذلك من الأذكار المقيدة .
ينظر "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (1/ 582-583) .
ويراجع أيضا جواب السؤال رقم : (194998) .
ثانيا :
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، هي من هذا الذكر المطلق ، الذي ندب
الاستكثار منه في عامة الأحوال .
روى الترمذي (2457) وصححه ، وأحمد (20736) عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه
قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ
أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي ؟ فَقَالَ : مَا شِئْتَ . قَالَ قُلْتُ الرُبُعَ ؟
قَالَ : مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ . قُلْتُ النِّصْفَ ؟ قَالَ :
مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ . قَالَ قُلْتُ فَالثُّلُثَيْنِ ؟
قَالَ : مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ . قُلْتُ أَجْعَلُ لَكَ
صَلَاتِي كُلَّهَا ؟ قَالَ : (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ) .
ففي هذا الحديث الحث على الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مطلقا بلا
قيد ، وكلما أكثر العبد من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، كان أفضل له عند
ربه ، ما لم يشغله ذلك عن فعل واجب ، أو فعل ما هو أفضل منه .
قال بعض شراح المصابيح : " ... فلم ير صلى الله عليه وسلم أن يعين له في ذلك حدا ،
لئلا يغلق باب المزيد ؛ فلم يزل يفوض الاختيار إليه ، مع مراعاة الحث على المزيد ،
حتى قال : أجعل لك صلاتي كلها ، فقال : إذا تكفى همك ؛ أي : ما أهمك من أمر دينك
ودنياك ، لأن الصلاة عليه مشتملة على ذكر الله تعالى وتعظيم الرسول ، صلى الله عليه
وسلم ، وهي في المعنى إشارة له بالدعاء لنفسه ... " .
نقله السخاوي في " القول البديع " (133) .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" لا شك أن الإكثار من ذكر الله والاستغفار والصلاة والسلام على رسول الله من أعظم
الأسباب في طمأنينة القلوب وراحتها، وفي السكون إلى الله سبحانه وتعالى والأنس به
سبحانه، وزوال الوحشة والذبذبة والحيرة .
لكن ليس للاستغفار حد محدود، ولا للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم حد محدود، بل
المشروع أن تكثر من الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يتعين عدد
معين، وتستغفر كثيرا مائة أو أكثر أو أقل، أما التحديد بمائة فليس له أصل ، ولكنك
تكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قائما وقاعدا، في الليل والنهار، وفي
الطريق وفي البيت " انتهى .
http://www.binbaz.org.sa/mat/955
وينظر جواب السؤال رقم : (88102) ، (145584)
والله تعالى أعلم .
تعليق