الحمد لله.
أولا :
إذا كان المسجون قد سجن في مكان خارج بلد إقامته ، ويبعد عنها مسافة القصر : فهو في حكم المسافر :
فإذا كان لا يعلم متى يخرج : قصر من الصلاة وجمع بين الصلاتين عند الحاجة إلى الجمع ، حتى يخرج أو يعلم أنه يمكث في سجنه أكثر من أربعة أيام .
وإن علم أنه يمكث أكثر من أربعة أيام ، كالذي حكم عليه بالسجن أكثر من هذه المدة : فإنه لا يترخص برخص السفر، عند جمهور الفقهاء .
ومقدار السفر الذي يشرع فيه الترخص برخص السفر ، عند جمهور الفقهاء أيضا : مسافة ثمانين كيلو متراً تقريبا ، فمن سافر – ذهابا - لقطع هذه المسافة فأكثر ، فله أن يترخص برخص السفر من المسح على الخفين ثلاثة أيام بلياليهن ، والجمع والقصر، والفطر في رمضان .
والمسافر الذي يقيم ببلد ولكنه لا يدري متى تنقضي حاجته ، ولم يحدد زمناً معيناً للإقامة ، فإنه يترخص برخص السفر ولو طالت المدة .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/ 215):
" مَنْ لَمْ يُجْمِعْ الْإِقَامَةَ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى إحْدَى وَعِشْرِينَ صَلَاةً، فَلَهُ الْقَصْرُ، وَلَوْ أَقَامَ سِنِينَ، مِثْلُ أَنْ يُقِيمَ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ يَرْجُو نَجَاحَهَا، أَوْ لِجِهَادِ عَدُوٍّ، أَوْ حَبَسَهُ سُلْطَانٌ، أَوْ مَرَضٌ، وَسَوَاءٌ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ انْقِضَاءُ الْحَاجَةِ فِي مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ، أَوْ كَثِيرَةٍ، بَعْدَ أَنْ يَحْتَمِلَ انْقِضَاؤُهَا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي لَا تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَقْصُرَ مَا لَمْ يُجْمِعْ إقَامَةً، وَإِنْ أَتَى عَلَيْهِ سِنُونَ " انتهى . وانظر جواب السؤال رقم : (105844).
ثانيا :
لا تجب على المحبوسين صلاة الجمعة وهم في عنابرهم ، فإن أمكنهم صلاتها في مسجد السجن وجبت عليهم .
وكل أهل عنبر منهم يصلون الصلوات الخمس في عنبرهم جماعة ، إذا لم يمكن أن يصلوا في مسجد السجن .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" أفتى مجلس هيئة كبار العلماء بعدم الموافقة على جمع السجناء على إمام واحد في صلاة الجمعة والجماعة ، وهم داخل عنابر السجن ، يقتدون به بواسطة مكبر الصوت لعدم وجوب صلاة الجمعة عليهم ، حيث لا يمكنهم السعي إليها، ولأسباب أخرى.
ومن أمكنه الحضور لأداء صلاة الجمعة في مسجد السجن ، إذا كان فيه مسجد تقام فيه صلاة الجمعة : صلاها مع الجماعة، وإلا فإنها تسقط عنه ، ويصليها ظهرا .
وكل مجموعة تصلي الصلوات الخمس جماعة داخل عنبرهم ، إذا لم يمكن جمعهم في مسجد أو مكان واحد " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (12/ 155-156).
وقال علماء اللجنة :
" إذا أقيمت الجمعة داخل السجن أو في غيره، واستطاع أداءها - يعني المسجون - فتجب عليه، وإذا لم يستطع أداء الجمعة فيصليها ظهرا " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (8/ 184)
فإذا كان هؤلاء مسجونين بأحكام صدرت عليهم ، فاستقروا في سجنهم الذي يقضون فيه هذه الأحكام ، فإن حكمهم حكم المقيم ، لا يترخصون بقصر ولا جمع ولا إفطار في رمضان ، ويصلون جماعة ، كل مجموعة تصلي داخل عنبرهم ، وليس عليهم جمعة إلا إذا أذنت لهم إدارة السجن بالصلاة في مسجد السجن ، فتجب .
أما إذا كانوا في حال لا يدرون غدا أين سيكونون ، وكانت إدارة السجون ترحلهم عادة من بلد إلى بلد : فمثل هؤلاء يترخصون برخص السفر ، فيجوز لهم القصر والجمع .
نسأل الله أن يفك أسر المأسورين من المظلومين ، ويفرج كرب المكروبين من المسلمين .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (81421).
والله تعالى أعلم .
تعليق